المرتبة الثالثة : أن يقوم ثلث الليل ، فينبغي أن ينام النصف الأول والسدس الأخير وبالجملة نوم آخر الليل محبوب لأنه يذهب النعاس بالغداة وكانوا يكرهون ذلك ويقلل صفرة الوجه والشهرة به ، فلو قام أكثر الليل ونام سحرا قلت صفرة وجهه ، وقل نعاسه وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوتر من آخر الليل فإن كانت له حاجة إلى أهله دنا منهن وإلا اضطجع في مصلاه حتى يأتيه nindex.php?page=showalam&ids=115بلال فيؤذنه للصلاة وقالت أيضا رضي الله عنها : " ما ألفيته بعد السحر إلا نائما " حتى قال بعض السلف : هذه الضجعة قبل الصبح سنة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه وكان نوم هذا الوقت سببا للمكاشفة والمشاهدة من وراء حجب الغيب ، وذلك لأرباب القلوب وفيه استراحة تعين على الورد الأول من أوراد النهار وقيام ثلث الليل من النصف الأخير ونوم السدس الأخير ، قيام داود صلى الله عليه وسلم .
(المرتبة الثالثة: أن يقوم ثلث الليل، فينبغي أن ينام النصف الأول والسدس الآخر) وأشار إليه صاحب "القوت " بقوله: وإن أراد نام نصف الليل وقام ثلثه، ونام سدسه (وبالجملة نوم آخر الليل محبوب) . وفي نسخة: مستحب؛ (لأنه يذهب النعاس) وهو النوم [ ص: 201 ] القليل وهي ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي على العين، ولا يصل إلى القلب، فإذا وصل إليه كان نوما (بالغداة) أي: الصبح قبل طلوع الشمس وبعده، (وكانوا يكرهون) ذلك أي النعاس بالغداة، (ويقلل صفرة الوجه) ، فإنه إذا لم يأخذ الراحة قبل الفجر فترت الأعضاء، وغلب الكسل، فإن غالبه ولم يمكنه من نفسه أورث صفرة اللون في الوجه وفي سائر البدن، (والشهرة به، فلو قام أكثر الليل ونام سحرا) أي: في وقت السحر وهو السدس الأخير من الليل، (قلت صفرة وجهه، وقل نعاسه) ونشطت الأعضاء وتنبهت القوة .
ولفظ " القوت ": ونوم آخر الليل مستحب لمعنيين: أحدهما: أنه يذهب بالنعاس بالغدوات، وقد كانوا يكرهون النعاس بالغداة ويأمرون الناعس بعد صلاة الصبح بالنوم. والمعنى الثاني: أنه يقل صفرة الوجه، فلو قام العبد أكثر الليل ونام سحرا أذهب نعاسه بالغداة، وقلت صفرة وجهه، ولو نام أكثر الليل وسهر من السحر جلب عليه النعاس بالغداة وصفرة الوجه، فليتق العبد ذلك، فإنه باب غامض من الشهرة والشهوة الخفية به، وليقل شرب الماء بالليل، فقد يكون منه الصفرة سيما آخر الليل، وبعد الانتهاء من النوم اهـ .
(قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أوتر من آخر الليل فإن كانت له حاجة إلى أهله دنا منهم) يعني: الجماع، (وإلا اضطجع في مصلاه) أي: موضعه الذي ينام فيه (ويصلي حتى يأتيه nindex.php?page=showalam&ids=115بلال) المؤذن -رضي الله عنه- (فيؤذنه) أي: يعلمه (بالصلاة) .
(وكان نوم هذا الوقت) من آخر الليل وفي الثلث الأخير مزيد لأهل الحضور، و (سببا للمكاشفة) لهم عن الملكوت (والمشاهدة) واستماع العلوم من الجبروت (من وراء حجب الغيب، وذلك لأرباب القلوب) الصافية الواعية (وفيه) سكن و (استراحة تعين) العمال وأهل المجاهدة (على الورد الأول من أوراد النهار) ، ولذلك حظرت بعد طلوع الفجر وبعد صلاة العصر ليستريح عمال الله سبحانه، وأهل أوراد الليل والنهار فيها، والنوم من آخر الليل هو نقصان لأهل السهو والغفلة من حيث كان فريدا لأهل الشهود واليقظة لأنه آخر خدمة أولئك، ففيه راحتهم، وهو تطاول النوم والغفلة بهؤلاء فهو نقصهم .
(وقيام ثلث الليل من النصف الأخير، ونوم السدس الأخير قيام داود عليه السلام) قال صاحب "القوت ": وقد روي أنه من أفضل القيام جاء ذلك في روايتين .