ودل على حصول الإكرام باللحم قوله تعالى في ضيف إبراهيم إذ أحضر العجل الحنيذ ، أي : المحنوذ وهو الذي أجيد نضجه وهو أحد معنى الإكرام أعني تقديم اللحم .
وقال تعالى في وصف الطيبات : وأنزلنا عليكم المن والسلوى المن العسل والسلوى اللحم سمي سلوى لأنه يتسلى به عن جميع الإدام ولا يقوم غيره مقامه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " سيد الإدام اللحم "
(وفي القرآن تنبيه على تقديم الفاكهة) على الطعام (في قوله تعالى) في صفة أهل الجنة ( وفاكهة مما يتخيرون ولحم مما يشتهون ) ففي ذكر الفاكهة قبل اللحم دليل على تقديمها عليه (ثم أفضل ما يقدم بعد الفاكهة اللحم) المشوي (والثريد) وهو فعيل بمعنى مفعول يقال: ثرد الخير ثردا من باب قتل وهو أن تفته ثم تبله بمرق، وقد يكون معه اللحم، والاسم الثردة (فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: " nindex.php?page=hadith&LINKID=670146فضل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام") هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في الشمائل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي أيضا في الشمائل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى، nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب في المتفق والمفترق من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في فضائل الصحابة في حديثها بزيادة في أوله: " فضل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على النساء كفضل تهامة على ما سواها " ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه والديلمي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: " nindex.php?page=hadith&LINKID=670146فضل الثريد على الطعام كفضل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على [ ص: 254 ] النساء " قال المناوي: ضرب المثل بالثريد لأنه أفضل طعامهم، ولأنه ركب من خبز ولحم ومرقة، ولا نظير له في الأطعمة، ثم إنه جامع بين الغذاء واللذة والقوة وسهولة التناول وقلة المؤنة في المضغ وسرعة المرور في الحلقوم فخص المثل به إيذانا بأنها جمعت مع حسن الخلق حسن الخلق، وحسن الحديث، وحلاوة المنطق، وفصاحة اللهجة، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب للبعل، ومن ثم عقلت عنه ما لم يعقل غيرها من نسائه، وروت عنه ما لم يرو مثلها من الرجال إلا قليلا .
قال ابن القيم: الثريد وإن كان مركبا فإنه مركب من خبز ولحم، فالخبز أفضل الأقوات، واللحم سيد الآدام، فإذا اجتمعا لم يكن بعدهما غاية، وفي أفضلهما خلاف، والصواب أن الحاجة للخبز أعم. واللحم أفضل وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه. اهـ .
وقال ابن حجر المكي في شرح الشمائل: قوله: على النساء أي: حتى آسية وأم موسى فيما يظهر، وإن استثنى بعضهم آسية، وضم إليها مريم، وما قاله فيها محتمل لحديث: " nindex.php?page=hadith&LINKID=666178فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم ابنة عمران "، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة زيادة: " وآسية امرأة فرعون nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة بنت خويلد "، فإذا فضلت فاطمة nindex.php?page=showalam&ids=25فعائشة أولى، وذهب بعضهم إلى تأويل النساء بنسائه -صلى الله عليه وسلم- لتخرج مريم وأم موسى وحواء وآسية، نعم تستثنى nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة فإنها أفضل منها من nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على الأصح لتصريحه -صلى الله عليه وسلم- nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة بأنه لم يرزق منها خيرا من nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة، nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة أفضل منها، إذ لا يعدل بضعته -صلى الله عليه وسلم- أحد، وبه يعلم أن بقية أولاده -صلى الله عليه وسلم- nindex.php?page=showalam&ids=129كفاطمة، وإن نسب الأفضلية ما فيهن من البضعة الشريفة، وقوله: على سائر الطعام، أي: من جنسه بلا ثريد لما في الثريد من النفع وسهولة مساغه وتيسر تناوله، وأخذ الكفاية منه بسرعة، ومن أمثالهم: الثريد أحد اللحمين .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : أحب الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثريد من الخبز، والثريد من الحيس. وفي الحديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=846119سيد الإدام اللحم. وقضيته بل صريحه أن سيد الأطعمة اللحم والخبز، ومرق اللحم في الثريد قائم مقامه، بل ربما يكون أولى منه، كما ذكره الأطباء في ماء اللحم بالكيفية التي يذكرونها فيه قالوا: هو يعيد الشيخ إلى صباه. اهـ .
(فإن جمع إليه حلاوة بعد فقد جمع الطيبات) لأن كلا من اللحم والثريد والحلاوة طيب في نفسه مفضل على غيره كما سيأتي .
(ودل على حصول الإكرام باللحم قوله تعالى في ضيف إبراهيم) المكرمين: (إذ أحضر العجل الحنيذ، أي: المحنوذ) إشارة إلى أنه فعيل بمعنى مفعول (وهو الذي أجيد) أي: أنعم (نضجه) وما لم يجد نضجه فهو مضر على المعدة، (وهو أحد معنيي الإكرام أعني تقديم اللحم) على سائر الأطعمة، والمعنى الثاني قد تقدم ذكره، وهو التعجيل في الإحضار، ومعنى ثالث قد ذكرناه أيضا وهو خدمة الضيف بنفسه .
(وقال تعالى في وصف الطيبات: وأنزلنا عليكم المن والسلوى المن) شيء شبه (العسل) يسقط من السماء فيجنى وهو الترنجبين، قاله السدي، وحلاوة القدرة سمي منا لأنه مما من الله به على بني إسرائيل، ومعنى الترنجبين العسل الذي يسقط كالعرق، وهي فارسية معربة أصلها ترانكبين، قيل: كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر إلى طلوع الشمس .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن الربيع، قال: المن شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء، ثم يشربونه (والسلوى) فعلى من السلو (اللحم سمي سلوى لأنه يتسلى به عن جميع الإدام) إذ فيه غنية عن جميعه، (ولا يقوم غيره مقامه) هكذا ذكره صاحب "القوت " والمشهور في التفاسير أن المراد بالسلوى هنا طائر نحو الحمامة أطول ساقا وعنقا منها شبيه بلون السماء، سريع الحركة، بعثه الله على بني إسرائيل لما ملوا من أكل الخبز والمن وهم في التيه، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس (ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: " سيد الإدام اللحم ") رواه أبو القاسم تمام الرازي في فوائده قال: حدثنا أبي هو محمد بن عبد الله، حدثنا أبو القاسم جعفر بن الحسن المهرقاني بالري، حدثنا أحمد بن خليل البغدادي، حدثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي، حدثنا أبو هلال محمد بن سليم الراسبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة، عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-... فذكره بزيادة: " nindex.php?page=hadith&LINKID=913151وسيد الشراب الماء، وسيد الرياحين الفاغية " وقد وقع لنا هذا الحديث مسلسلا بالنحو، ورواه الحافظ أبو بكر بن مسدي في مسلسلاته عن [ ص: 255 ] الأستاذ أبي جعفر الورغي، عن أبي عبد الله الكاتب، عن أبي القاسم الأقليلي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ، عن ابن قتيبة صاحب الغريب، عن أحمد بن خليل البغدادي، عن nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي بسنده بلفظ: " nindex.php?page=hadith&LINKID=846119سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم وسيد ريحان أهل الجنة الفاغية " ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم في الطب النبوي نحوه .