الثالث قال : nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج لبعض الأطباء صف لي صفة آخذ بها ولا أعدوها قال لا تنكح من النساء إلا فتاة ولا تأكل من اللحم إلا فتيا ولا تأكل المطبوخ حتى يتم نضجه ولا تشربن دواء إلا من علة ولا تأكل من الفاكهة إلا نضيجها ولا تأكلن طعاما إلا أجدت مضغه وكل ما أحببت من الطعام ولا تشربن عليه فإذا شربت فلا تأكلن عليه ، شيئا ولا تحبس الغائط والبول وإذا أكلت بالنهار فنم وإذا أكلت بالليل فامش قبل أن تنام ولو مائة خطوة .
وفي معناه قول العرب تغد تمد تعش تمش يعني تمدد كما قال الله تعالى: ثم ذهب إلى أهله يتمطى أي يتمطط .
ويقال إن حبس البول يفسد الجسد كما يفسد النهر ما حوله إذا سد مجراه .
(الثامن:) في أخبار الأمراء (قال nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج) بن يوسف الثقفي (لبعض الأطباء) وهو يتاذوف الفيلسوف كما هو في "القوت " وله ترجمة واسعة في وفيات الأعيان للصلاح الصفدي (صف لي صفة آخذ بها) أي: أعمل بها (ولا أعدوها) أي: لا أتجاوزها (قال) له: (لا تنكح) أي: لا تجامع (من النساء إلا فتاة) أي: شابة، فإن جماع العجوز الهرمة والصغيرة جدا مضر بالخاصية كما تقدم، (ولا تأكل من اللحم إلا فتيا) أي: الحولي من الضأن والفحول، فلحوم الهرمى من الحيوانات صلبة بطيئة الانهضام قليلة الغذاء مسيخة الطعم، تخالطها زهومة لعدم الدسومة والرطوبة التي تطيبها، ولحوم الصغار جدا كثيرة الفضول قليلة الغذاء بلغمية إلا أنها تنحدر سريعا إلى المعدة، (ولا تأكل المطبوخ) من اللحم وغيره (حتى ينعم نضجه) ويتم استواؤه (ولا تشربن دواء إلا من علة) أي: لا تستعملن دواء أكلا كان أو شربا إلا من احتياج له في إزالة علة حادثة، (ولا تأكل من الفاكهة إلا نضيجها) وهو ما استوى على الشجرة وتم استواؤه، فإن الفجة لا خير فيها، (ولا تأكل طعاما إلا أجدت مضغه) بالأسنان، فإن الذي لم يمضغ جدا لا ينهضم سريعا، (وكل ما أحببت من الطعام) واشتهت نفسك ومالت إليه مما تستلذه (ولا تشرب عليه) ، فإنه يفسده ويبطئه من الانهضام، (فإذا) طلبت نفسك و (شربت عليه، فلا تأكل عليه بعد شيئا) لئلا يتخلل الماء بين طعامين فإنه مضر للمعدة، (ولا تحبس البول والغائط) أي: فإن ضررهما شديد يورث أمراضا عسرة البرء، (وإذا أكلت بالنهار فنم) ليأخذ كل عضو نصيبه منه، والنوم يعين على الهضم، (وإذا أكلت بالليل فامش قبل أن تنام ولو مائة خطوة) فإن المشي من أعظم أسباب الهضم، وإنما حسن النوم بالنهار عقب الطعام من غير مشي لأن النهار مظنة الحركات فما يقع فيه منها كافية في الهضم والليل مظنة السكون والدعة والراحة، فلابد فيه من حركة، واستحسن بعض المتأخرين الاقتصار على أربعين خطوة وتكون الحركة فيها متساوية إقبالا وإدبارا، والقول المذكور هكذا نقله صاحب "القوت " وقال: وفيما قاله الفيلسوف حكمة قد ورد ببعضها آثار قد يروى في خبر مقطوع ذكره أبو الخطاب عن عبد الله بن بكر يرفعه: من [ ص: 269 ] استقل برأيه فلا يتداوى فرب دواء يورث داء، وكانت الحكماء تقول: دافع بالدواء قوتك بالداء، وقال بعضهم: مثل شرب الدواء مثل الصابون للثوب ينقيه ولكن يخلقه، وقال بقراط الفيلسوف: الدواء من فوق والداء من تحت، فمن كان داؤه في بطنه فوق سرته سقي الدواء، ومن كان داؤه تحت سرته حقن، ومن لم يكن به داء من فوق ولا من تحت لم يسق الدواء، فإن سقي عمل في الصحة داء إذا لم يجد داء يعمل فيه، وقال بعضهم: نهاني الأطباء عن الشرب في تضاعيف الطعام، (وفي معناه) أي: قول الفيلسوف الذي ذكره (قول العرب تغد) و (تمد تعش) و (تمش يعني تمدد) أبدلوا الألف من الدال الثانية كراهية التكرار ثم حذفوها للتخفيف والازدواج وأبقوا الفتحة لتدل عليها (كما قال تعالى) ثم ذهب (إلى أهله يتمطى أي (يتمطط) فأبدل من الطاء الثانية ألفا يعني يمد مطاه يرفع ظهره، وأما في حبس الغائط فقد قال بعض الفلاسفة: الطعام إذا خرج نجوه قبل ست ساعات فهو مكروه من المعدة، وإذا بقي فيها أكثر من أربع وعشرين ساعة فهو ضرر على المعدة، ويقال: إن حبس البول في مثانته (يفسد في الجسد كما يفسد النهر ما حوله إذا سد مجراه) ففاض من جوانبه .