الخامس : الحمية تضر بالصحيح كما يضر تركها بالمريض هكذا قيل .
وقال بعضهم : من احتمى فهو على يقين من المكروه وعلى شك من العوافي وهذا حسن في حال الصحة ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صهيبا يأكل تمرا وإحدى عينيه رمداء فقال .
أتأكل التمر وأنت رمد ؟ فقال : يا رسول الله ، إنما آكل بالشق الآخر .
يعني جانب السليمة ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(الخامسة: الحمية) بكسر الحاء أي: الاحتماء مما يؤذي البدن (تضر بالصحيح) المزاج (كما يضر تركها بالمريض هكذا قيل) ولفظ " القوت ": وقال بعض أهل الطب: الحمية إحدى العلتين، ويقال الحمية للصحيح ضارة كما أنها للعليل نافعة، الدواء إذا لم يجد ما يعمل فيه وجد الصحة فعمل فيها، وأنشد بعض العرب:
ألا رب حزم كان للسقم علة وعلة بدء الداء حفظ الثقل
(وقال بعضهم:) هو لقمان كما هو في "القوت " (من احتمى فهو على يقين من المكروه وعلى) أي: في (شك) مما يأمل (من العوافي) جمع العافية كذا في "القوت ". (وهذا حسن في حال الصحة) زاد صاحب "القوت ": وكان يقال: ليس الطبيب من حمى الملوك ومنعهم من الشهوات، إنما الطبيب من خلاهم وما يريدون ثم دبر سياستهم على ذلك حتى تستقيم أجسادهم. وقال مدني عندنا بالحجاز لبعض الأعراب: أخبرني ما تأكلون وما تدعون؟ فقال: نأكل ما دب ودرج إلا أم حبين، فقال المدني: ليهن أم حبين منكم العافية. (و) في الخبر: (رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صهيبا) هو ابن سنان المعروف بالرومي -رضي الله عنه- من نجباء الصحابة (وإحدى عينيه رمدة وهو يأكل التمر، فقال: تأكل التمر وأنت رمد ؟ فقال: يا رسول الله، إنما أمضغ بالشق الآخر يعني جانب) العين (السليمة، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه) كذا هو في "القوت " .
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث صهيب بإسناد جيد، انتهى. قال ابن حجر المكي في شرح الشمائل: قال بعض الأطباء: أنفع ما يكون الحمية للناقة من المرض لأن التخليط يوجب انتكاسه، وهو أصعب من ابتداء المرض، والحمية للصحيح مضرة كالتخليط للمريض والناقة، وقد تشتد الشهوة والميل إلى ضار فيتناول منه يسيرا فتقوى الطبيعة على هضمه، فلا يضر بل ربما ينفع، بل قد يكون أنفع من دواء يكرهه المريض، ولذا أقر -صلى الله عليه وسلم- nindex.php?page=showalam&ids=52صهيبا وهو أرمد على تناول التمرات اليسيرة .