ولا ينكشف الحق فيه إلا بأن نقدم أولا ما ورد من الأخبار والآثار في الترغيب فيه والترغيب عنه ثم نشرح فوائد النكاح وغوائله حتى يتضح منها فضيلة النكاح وتركه في حق كل من سلم من غوائله أو لم يسلم منها .
ومدح أولياءه بسؤال ذلك في الدعاء فقال : والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين الآية ويقال أن : الله تعالى لم يذكر في كتابه من الأنبياء إلا المتأهلين فقالوا : إن يحيى صلى الله عليه وسلم قد تزوج ولم يجامع قيل : إنما فعل ذلك لنيل الفضل وإقامة السنة ، وقيل لغض البصر وأما عيسى عليه السلام فإنه سينكح إذا نزل الأرض ويولد له .
(ولا ينكشف الحق فيه إلا بأن نقدم أولا ما ورد فيه من الأخبار) المقبولة (والآثار) المنقولة في (الترغيب فيه والترغيب عنه ثم نشرح القول في فوائد النكاح وغوائله) أي: مضاره (حتى تتضح منها فضيلة النكاح وتركه في حق من سلم من غوائله أو لم يسلم) ولا يظهر الحق الصريح إلا بعد التفصيل، وبه يجمع بين الأقوال المختلفة ويظهر سبب الاختلاف .
الترغيب في النكاح:
(أما من الآيات) القرآنية (قال تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم وهذا أمر) بالإنكاح وهو أعلم بالخير والصلاح، والأيامى: جمع أيم وهي التي لا بعل لها، وقد يسمى به الرجل الذي لا زوجة له، ثم قال: والصالحين من عبادكم وإمائكم فلولا أن النكاح فاضل لما خص به الصالحين وضمهم إلى فضله وهم أهل ولايته لقوله: وهو يتولى الصالحين ثم قال: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، والله أعلم بالإغناء كيف هو فقد يغنيهم بالأشياء، وقد يغنيهم عن الأشياء، وقد يغني نفوسهم عن الأعراض، وقد يغنيهم باليقين، وقد استدل بهذه الآية على أن النكاح عزيمة تبعا لصاحب "القوت "، ونقله كذلك غير واحد، وأبى nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي ذلك وقال: لا حجة في هذا القول لهم على ما ذهبوا إليه، فإنه أمر للأولياء بالإنكاح لا للأزواج بالنكاح. اهـ .
(وقال تعالى: فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن وهذا منع من العضل) وهو منع الرجل موليته من التزوج، وهو من بابي قتل وضرب، وقرأ السبعة: فلا تعضلوهن بالضم، (وقال تعالى في وصف الرسل ومدحهم ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ) والمراد بالأزواج النساء، وبالذرية الأولاد، (فذكر ذلك في معرض الامتنان) عليهم (وإظهار الفضل) لهم، (ومدح أولياءه) وخاصته المقربين (بسؤال ذلك في الدعاء فقال: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين الآية) أي: ما تقر به عيوننا، (ويقال: إن الله تعالى لم يذكر في كتابه) العزيز (من الأنبياء إلا المتأهلين) أي: المتزوجين، يقال: أهل الرجل يأهل أهولا، وتأهل إذا تزوج، ويطلق الأهل على الزوجة .
(وقالوا: إن يحيى عليه السلام) هو ابن زكريا عليه السلام من ذرية سليمان بن داود عليهما السلام، وهو أول من سمي يحيى بنص القرآن وهو اسم أعجمي، وقيل: عربي .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي: وعلى القولين لا ينصرف. قال الكرماني: وعلى الثاني إنما سمي به لأن الله تعالى أحياه بالإيمان، وقيل: لأنه استشهده والشهداء أحياء، وقيل: معناه يموت كالمفازة للمهلكة والسليم للديغ. قتل ظلما وسلط الله تعالى على قاتليه بختنصر وجيوشه وكان حصورا وهو الذي لا يشتهي النساء، وقيل: (تزوج ولم يجامع، وقيل: إنما فعل ذلك لنيل الفضل وإقامة السنة، وقيل) : بل فعل ذلك (لغض البصر) نقله صاحب "القوت "، ولفظه: وروينا في أخبار الأنبياء عليهم السلام أن يحيى ابن زكريا عليهما السلام تزوج امرأة ولم يكن يقربها. قيل: لغض البصر، ويقال: للفضل في ذلك كأنه أراد أن يجمع الفضائل كلها، وقيل: لأجل السنة .
(وأما عيسى عليه السلام) وهو ابن مريم بنت عمران خلقه الله [ ص: 286 ] بلا أب، (فإنه) جاء في الأخبار أنه (سينكح) أي: يتزوج (إذا نزل إلى الأرض ويولد له) ويقتل الدجال ويحج ويمكث في الأرض مدة سنين، ويدفن عند النبي -صلى الله عليه وسلم- .