الفائدة الأولى : الولد : وهو الأصل وله وضع النكاح والمقصود إبقاء النسل وأن لا يخلو العالم عن جنس الإنس .
، وإنما الشهوة خلقت باعثة مستحثة كالموكل بالفحل في إخراج البذر وبالأنثى في التمكين من الحرث تلطفا بهما في السياقة إلى اقتناص الولد بسبب الوقاع كالتلطف بالطير في بث الحب الذي يشتهيه ليساق إلى الشبكة وكانت القدرة الأزلية غير قاصرة عن اختراع الأشخاص ابتداء من غير حراثة وازدواج ولكن الحكمة اقتضت ترتيب المسببات على الأسباب مع الاستغناء عنها إظهارا للقدرة وإتماما لعجائب الصنعة وتحقيقا لما سبقت به المشيئة وحقت به الكلمة وجرى به القلم .
ثم اعلم أن هذه الأخبار التي رواها المصنف في باب الترغيب عن النكاح جلها واهية، وأخبار الترغيب في النكاح غالبها في الصحيحين وبقية الكتب، فقد ترجح فضل النكاح على العزوبة، وقد لوح المصنف إلى ذلك بقوله: (وبالجملة لم ينقل عن أحد الترغيب عن النكاح مطلقا إلا مقرونا بشرط، وأما الترغيب في النكاح فقد ورد مطلقا ومقرونا بشرط) كما يفهم ذلك مما تقدم من سياق الأخبار، (فلنكشف الغطاء عنه بحصر آفات النكاح وفوائده) بتوفيق الله تعالى .
(وفيه خمسة فوائد) : الأولى حصول (الولد) ذكرا كان أو أنثى (و) الثانية (كسر الشهوة) أي: شهوة الفرج لا مطلق الشهوة الصادقة على البطن (و) الثالثة: (تدبير المنزل) ، فإنه منوط للنساء وليس للرجال فيه ما لهن، (و) الرابعة: (كثرة العشيرة) بالمناسبة والمصاهرة، فالمرء نفسه قليل ووحيد، (و) الخامسة (مجاهدة النفس) الأمارة (بالقيام بهن) والصبر عليهن، وهذه الفوائد على هذا الترتيب في مراعاتهن .
(الفائدة الأولى: الولد: وهو الأصل) الذي عليه ينبني باقي الفوائد (وله) أي: لأجله (وضع) ناموس (النكاح) ولذا قدم في الذكر، (والمقصود) الأصلي هو (بقاء النسل) لأجل عمارة العالم، (وأن لا يخلو العالم عن جنس الإنسان، وإنما الشهوة خلقت) وركبت في النوع الإنساني (باعثة مستحثة) محركة (كالموكل بالفحل) أي: الذكر (في إخراج البذر) من صلبه (وبالأنثى في التمكين من الحرث) في أرض الرحمن (تلطفا بهما في السياقة إلى اقتناص الولد) وتحصيله (بسبب الوقاع) أي: الجماع الحاصل بينهما (كالتلطف) بالطير الذي يصطاد (في بث الحب) أي: نثره (الذي يشتهيه) ويميل إليه (ليساق إلى الشبكة) الموضوعة، (وكانت القدرة الأزلية) لكمالها (غير قاصرة عن اختراع الأشخاص) وابتداعهم (ابتداء من غير) مثال ولا (حراثة) بذر (ولا ازدواج) ولا تسليط شهوة (ولكن الحكمة) الإلهية [ ص: 293 ] (اقتضت ترتيب المسببات على الأسباب) الحادثة (مع) كمال (الاستغناء عنها) أي: تلك الأسباب لأنه خالقها (إظهارا للقدرة) التامة (وإتماما لعجائب الصنعة) وغرائبها (وتحقيقا لما سبقت به المشيئة) الأزلية (وحقت) أي: وجبت (به الكلمة) الإلهية (وجرى به القلم) الأعلى على اللوح الفرقاني من الأزل .