فتقديم الخطبة مع الولي لا في حال عدة المرأة ، بل بعد انقضائها إن كانت معتدة ولا في حال سبق غيره بالخطبة إذ نهى عن الخطبة على الخطبة .
(فأما آدابه فتقديم الخطبة) بكسر الخاء هنا (مع الولي في حال عدة المرأة ، بل بعد انقضائها إن كانت معتدة) أي: يستحب للمحتاج مع وجدان الأهبة أن يقدم إلى الولي خطبة امرأة خلية عن النكاح ، وعدة الغير تصريحا وتعريضا والحجة في الاستحباب التمسك بفعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وإن لم تكن المرأة خلية من النكاح بل متزوجة يحرم خطبتها تصريحا وتعريضا ، وإن كانت خلية عن النكاح لكن معتدة فيحرم التصريح بخطبتها دون التعريض لأنها في حكم المنكوحات ، وفي المعتدة البائنة قولان وقيل: وجهان أصحهما جواز التعريض بخطبتها ، وهو المنصوص في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي لانقطاع سلطنة الزوج عنها ، والثاني: لا يجوز لأن للمطلق أن ينكحها في الجملة فأشهبت الرجعية والمفسوخة وجها بسبب من أسباب الفسخ كالبائنة ، ولا يحرم التعريض في عدة الوفاة؛ لأنه يحقق الرغبة فلا يصير مظنة الكذب في انقضاء عدتها بخلاف التصريح ، فإنه يحقق الرغبة فيها فيستعجل لغلبة الشهوة وغيرها ، وحينئذ لعلة الكذب في انقضاء عدتها بخلاف التصريح ، فإنه يحقق الرغبة فيها فيستعجل لغلبة الشهوة وغيرها ، وحينئذ لعلة الكذب في انقضاء المدة ، والمختلعة بطلقة أو طلقتين ، والمطلقة ثلاثا والمفارقة باللعان كالبائنة ، ومنهم من جعل البينونتين كالمعتدة بالوفاة ، ولا فرق في المعتدة بالأقراء والمعتدة بالأشهر ، وقيل: الخلاف مخصوص بذوات الأشهر ، وفي ذوات الأقراء القطع بعدم الجواز لأنها قد تكون في انقضاء العدة لرغبتها في الخاطب ، وفي المعتدة من وطء الشبهة طريقان. أحدهما: طرد الخلاف وأصحهما القطع بالجواز ، والتصريح بالخطبة أن يقول: أريد أن أنكحك أو أتزوج بك أو إذا انقضت عدتك نكحتك ، وإذا حللت فلا تفوتي علي نفسك والتعريض ما يدل على الرغبة في نكاحها وغيرها كقوله: رب راغب فيك ، ومثلك من يجد ، وأنت جميلة ، وإذا حللت فأعلميني ، ولست بمرغوب عنك ولا تبغين إباء وإن الله لسائق إليك خيرا ، وحكم جواب المرأة في الصور كلها تصريحا وتعريضا حكم الخطبة ، وجميع ما ذكر في الخطبة ، وجوابها فيما إذا خطبها أجنبي ، وأما إذا خطبها من منه العدة فيجوز تصريحا وتعريضا، وصريح الإجابة أن يقول الولي: أجبتك لذلك ، وإذا وجد ما يشعر بالإجابة فكذلك ، (ولا في حال سبق غيره بالخطبة إذ نهي عن الخطبة على الخطبة) قال العراقي : متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=654746ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب أو يأذن له" اهـ .
قلت: وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا: " nindex.php?page=hadith&LINKID=651996نهى أن يبيع حاضر لباد أو تناجشوا أو يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يبيع على بيع أخيه". الحديث. رواه الأئمة الستة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري وغيره: " ولا تناجشوا "، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=669449لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ". ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في الكبير من حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة ، وروي بزيادة: " حتى يأذن" ، رواه الباوردي من حديث وائل بن عمر وابن حبيب السكسكي عن أبيه عن جده ، وهو هكذا في بعض روايات nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ويروى: " حتى ينكح أو يترك "، وهكذا هو عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ويروى: " إلا أن يأذن له "، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وعبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وهو في بعض روايات nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
الأول: هذا النهي للتحريم كما قاله الجمهور وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: هو نهي تأديب وليس بنهي تحريم يبطل العقد ، وهو قول أكثر الفقهاء. قال الولي العراقي : كان nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي فهم من كون العقد لا يبطل عند أكثر الفقهاء إن النهي عندهم للتحريم وليس كذلك ، بل هو عندهم للتحريم ، وإن لم يبطل العقد ، وقد صرح بهذا الفقهاء من أهل المذاهب المتبوعة ، وحكى النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم الإجماع على التحريم بشروطه .
الثاني قال الشافعية والحنابلة: محل التحريم ما إذا صرح للخطاب بالإجابة بأن تقول: أجبتك إلى ذلك أو تأذن لوليها في أن يزوجها إياه وهي معتبرة الإذن، فلو لم يقع التصريح بالإجابة لكن وجد تعريض [ ص: 329 ] كقولها: لا رغبة عنك، ففيه قولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم: تحرم الخطبة ، وقال في الجديد: تجوز . وحكى الزين العراقي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة تحريم الخطبة عند التعريض أيضا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : معنى الحديث عندنا إذا خطب الرجل المرأة فرضيت به وركنت إليه فليس لأحد أن يخطب على خطبته، وأما قبل أن يعلم رضاها أو ركونها إليه فلا بأس أن يخطبها ، هكذا نقله nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ولو ردته فللغير خطبتها قطعا ، ولو لم يوجد إجابة ولا رد فقطع بعض الأصحاب بالجواز ، وأجرى بعضهم فيه القولين المتقدمين ، ويجوز الهجوم على الخطبة من لم يدر أخطبت أم لا ، ومن لم يدر أجيب خاطبها أم رد ، لأن الأصل الإباحة والمعتبر رد الولي وإجابته إن كانت مجبرة وإلا فردها وإجابتها وفي الأمة رد السيد وإجابته ، وفي المجنونة رد السلطان وإجابته. وقال الإسنوي في المهمات: هذا الإطلاق غير مستقيم ، فإنه إذا كان الخاطب غير كفؤ يكون النكاح متوقفا على رضا الولي والمرأة معا ، وحينئذ فيعتبر في تحريم الخطبة إجابتهما معا. وفي الجواز ردهما أو رد أحدهما .
قال: وأيضا فينبغي فيما إذا كانت بكرا أن يكون الاعتبار معا. وفي الجواز ردهما أو رد أحدهما. قال: وأيضا فينبغي فيما إذا كانت بكرا أن يكون الاعتبار بالولي تخريجا على الخلاف فيما إذا عينت كفؤا وعين المجبر كفؤا آخر هل المجاب تعيينها أم تعيينه ، وهذا الذي ذكروه في اعتبار تصريح الإجابة هو في الثيب ، أما البكر فسكوتها كصريح إذن الثيب كما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم ، وحيث اشترطنا التصريح بالإجابة فلا بد معه من الإذن للولي في زواجها له ، فإن لم تأذن في ذلك لن تحرم الخطبة كما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الرسالة. وحكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي واستبعده nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي في الفهم ، وقال: إنه حمل العموم على صورة نادرة ، وزاد بعض المالكية على الرضا بالزواج تسميته المهر. قال الولي العراقي : وهذا لا دليل عليه ، والعقد صحيح من غير تسمية المهر .
الثالث: ومحل التحريم أيضا إذا لم يأذن الخاطب لغيره في الخطبة ، فإن أذن ارتفع التحريم لأن المنع كان لحقه كما عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إلا أن يأذن له ، لكن يبقى النظر في أنه إذا أذن لشخص مخصوص في الخطبة هل لغيره الخطبة أيضا لأن الإذن لشخص يدل على الإعراض عن الخطبة إذ لا يمكن تزويج المرأة لخاطبين وليس لغيره الخطبة إذا لم يؤذن ، وزوال المنع إنما كان للأول هذا محتمل والأرجح الأول .
الرابع: ومحل التحريم أيضا إذا لم يترك الخاطب الخطبة ويعرض عنها ، فإن ترك جاز لغيره الخطبة وإن لم يأذن له فعند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حتى ينكح أو يترك وعند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حتى يذم .
الخامس: ومحل التحريم أن تكون الخطبة الأولى جائزة ، فإن كانت محرمة كالواقعة في العدة لم تحرم الخطبة عليها كما صرح nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني في البحر .
السادس: ومحل التحريم إذا لم تأذن المرأة لوليها أن يزوجها من يشاء ، فإن أذنت له كذلك صح وحل لكل واحد أن يخطبها على خطبة الغير كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني في البحر عن نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم .
قال الولي العراقي : ولك أن تقول: إن كان الضمير في قوله: ممن يشاء عائدا على الولي فينبغي إذا أجاب الولي الخاطب الأول أن يحرم على غيره الخطبة وإن كان عائدا على الخطبة ، فإذا خطبها شخص فقد شاء تزويجها وقد أذنت في تزويجها من يشاء هو تزويجها فيجب على الولي إجابته ويحرم على غيره خطبتها لأنها قد أجابته بالوصف وإن لم تجبه بالتعيين ، والله أعلم .
السابع: قال الخطابي وغيره: ظاهره اختصاص التحريم بما إذا كان الخاطب مسلما ، فإن كان كافرا فلا تحريم ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي عن أبي عبيد بن حربويه. وقال الجمهور: وتحرم الخطبة على خطبة الكافر أيضا .
قلت: هذا إذا كانت المخطوبة ذمية وبمثله أجاب ابن حربويه في السوم على السوم ، واستدلاله بقوله: على بيع أخيه وعلى خطبة أخيه، ضعيف، فقد صرح النووي بأن التقييد بأخيه خرج مخرج الغالب فلا يكون له مفهوم يعمل به .
الثامن: ظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون الخاطب الأول فاسقا أو لا ، وهذا هو الصحيح الذي تقتضيه الأحاديث وعمومها ، وذهب ابن القاسم صاحب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلى تجويز الخطبة على خطبة الفاسق ، واختاره ابن العربي المالكي وقال: لا ينبغي أن يختلف في هذا ، وفي شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي للزين العراقي وهو مردود لعموم الحديث إذ الفسق لا يخرج عن الإيمان والإسلام على مذهب أهل السنة ، فلا يخرج بذلك عن كونه خطب على خطبة أخيه ، والله أعلم .