الخامس : الاعتدال في الغيرة وهو : أن لا يتغافل عن بوادر الأمور التي تخشى غوائلها ولا يبالغ في إساءة الظن والتعنت وتخشين البواطن فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتبع عورات النساء ، وفي لفظ آخر : أن تبغت النساء .
وقال صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من غيرة سعد أنا والله أغير منه والله أغير مني .
ولأجل غيرة الله تعالى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث ; المنذرين والمبشرين ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله ; ولأجل ذلك وعد الجنة .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت ليلة أسري بي في الجنة قصرا وبفنائه جارية ، فقلت لمن هذا القصر فقيل : nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر ، فأردت أن أنظر إليها فذكرت غيرتك يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فبكى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وقال أعليك : أغار يا رسول الله ؟!
(الخامس: الاعتدال في الغيرة) وهي بالفتح، مشتقة من تغير القلب، وهيجان الغضب، كراهة شركة الغير في حقه، وأشد ذلك ما يكون بين الزوجين، ولها حد، فإذا جاوزها الرجل، قصر عن الواجب، فالمراد بالاعتدال هنا: الوقوف على ذلك الحد، الذي بتجاوزه يقع في التقصير (وهو: أن لا يتغافل عن بوادر الأمور) وظواهرها (التي تخشى غوائلها) أي: مهالكها (ولا يبالغ في إساءة الظن والتعنت) وهو: إدخال المشقة والأذى على الغير (وتخشين البواطن) أي: إيقاع الخشونة فيها، وفي بعض النسخ: وتجسس البواطن. (فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتبع عورات النساء. وفي لفظ آخر: أن يتعنت النساء) . أي: أن يفعل ما يوقعهن في العنت، أي: المشقة، قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: nindex.php?page=hadith&LINKID=908617أن يتطلب عثرات النساء. والحديث عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=694560نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا، يتخونهم، أو يطلب عثراتهم. واقتصر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على ذكر النهي عن الطروق ليلا، اهـ .
هي الضلع العوجاء لست تقيمها * إلا أن تقويم الضلوع انكسارها أتجمع ضعفا واقتدارا على الهدى * أليس عجيبا ضعفها واقتدارها
(فهذا في تهذيب أخلاقها) والرفق بها، والصبر على عوج أخلاقها، واحتمال ضعف عقلها، وأن من رام تقويمها رام مستحيلا، وفاته الانتفاع بها (وقال -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=668772غيرة يبغضها الله، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة) كذا في القوت، قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان، من حديث جابر بن عتيك، اهـ. (لأن ذلك من سوء الظن، الذي نهينا عنه، فإن بعض الظن إثم) بنص القرآن (وقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك) نقله صاحب القوت (وكذا الغيرة في محلها، فلا بد منها، وهي محمودة) مثنى عليها (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=663458إن الله تعالى يغار، والمؤمن يغار، وغيرة الله: أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه) . قال العراقي: متفق عليه، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، ولم يقل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: nindex.php?page=hadith&LINKID=663458والمؤمن يغار، اهـ. قلت: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب الغيرة، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم، حدثنا شيبان، عن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة، أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=663458إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر: أن لا يأتي، بزيادة لا، وكذا هو في رواية النسفي، وأفرط الصغاني فقال: كذا للجميع، والصواب: حذف لا، كذا قال الحافظ في الفتح، وما أدري ما أراد بالجميع، بل أكثر، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على حذفها، وفاقا لما رواه غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، كمسلم، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وغيرهما، قال الطيبي: والتقدير على ثبوت لا، غيرة الله ثابتة; لأجل أن لا يأتي، وقد وجهه الكرماني بمعنى آخر مذكور في شرحه (وقال -صلى الله عليه وسلم-: أتعجبون من غيرة سعد) ؟! بهمزة الاستفهام الاستخباري، أو الإنكاري، أي: لا تعجبوا من غيرة سعد (والله لأنا أغير منه) بلام التأكيد (والله أغير مني) وغيرته تعالى: تحريمه الفواحش، والزجر عنها; لأن الغيور: هو الذي يزجر على ما يغار عليه، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة، فأورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب الغيرة معلقا، وفي كتاب الحدود موصولا، قال وزاد: عن المغيرة، nindex.php?page=hadith&LINKID=656866قال nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير [ ص: 361 ] مصفح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتعجبون من غيرة سعد؟! أنا أغير منه، والله أغير مني، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، واللفظ له، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم: nindex.php?page=hadith&LINKID=909399لما نزلت هذه الآية: والذين يرمون المحصنات الآية، قال nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة: أهكذا أنزلت؟ فلو وجدت لكاع يفتخذها رجل لم يكن لي أن أحركه، ولا أهيجه، حتى آتي بأربعة شهداء! فوالله لا آتي بأربعة شهداء حتى يقضي حاجته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله لا تلمه، فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا عذراء، ولا طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا أن يتزوجها، من شدة غيرته، فقال سعد: والله إني لأعلم يا رسول الله أنه لحق، وأنها من عند الله، ولكنني عجبت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني.
(ولأجل غيرة الله حرم الفواحش) كل ما اشتد قبحه من المعاصي، وقال ابن العربي: التغير محال على الله تعالى بالدلالة القطعية، فيجب تأويله، كالوعيد وإيقاع العقوبة بالفعل، ونحو ذلك (ما ظهر منها) أي: من الفواحش (وما بطن) أي: خفي (ولا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى; ولأجل ذلك يبعث المنذرين والمبشرين، ولا أحد أحب إليه العفو من الله تعالى; ولأجل ذلك وعد بالجنة) . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115شقيق، عن عبد الله، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=656854ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من الله. هكذا أخرج في باب الغيرة، من كتاب النكاح، وأخرجه -أيضا- في كتاب التوحيد، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في التوبة، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في التفسير .
(وكان الحسن) البصري (رحمه الله تعالى يقول: أتدعون نساءكم) ؟ أي: تتركوهن (يزاحمن العلوج) جمع العلج، بالكسر، وهو: الرجل الضخم من كفار العجم، وبعضهم يطلقه على مطلق الكافر (في الأسواق، قبح الله من لا يغار) . نقله صاحب القوت .
(وقال -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=100807إني لغيور، وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب) . قال العراقي: تقدم أوله، وأما آخره فرواه أبو عمر النوقاني، في كتاب معاشرة الأهلين، من رواية عبد الله بن محمد مرسلا، والظاهر: أنه عبد الله بن محمد بن الحنفية، اهـ. قلت: ومنكوس القلب، هو: الديوث، وقيل: المخنث (والطريق المغني عن الغيرة: أن لا يدخل عليها الرجال) ولو كان من قرابتها; لما ورد في الصحيح: الحمو الموت. (وهي تخرج إلى الأسواق) ولا إلى غيرها من المحافل، التي تجتمع فيها النساء من كل جهة، فهذا هو الدواء النافع لقطع الغيرة، إذ يسلم حينئذ من وقع الريبة فيها من سائر الوجوه .