وأما الدرجة الثانية فأمثلتها : كل شبهة لا توجب اجتنابها ، ولكن يستحب اجتنابها كما سيأتي في باب الشبهات إذ من الشبهات ما يجب اجتنابها فتلحق بالحرام ومنها ما يكره اجتنابها فالورع عنها ورع الموسوسين كمن يمتنع من الاصطياد خوفا من أن يكون الصيد قد أفلت من إنسان أخذه وملكه ، وهذا وسواس .
ومنها ما يستحب اجتنابها ولا يجب وهو ، الذي ينزل عليه قوله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
والإنماء أن يجري الصيد فيغيب عنه ثم يدركه ميتا إذ يحتمل أنه مات بسقطة أو بسبب آخر والذي ، نختاره كما سيأتي أن هذا ليس بحرام ، ولكن تركه من ورع الصالحين .
(أما الدرجة الثانية فأمثلتها: كل شبهة لا نوجب اجتنابها، ولكن يستحب اجتنابها ) أي: على طريق الاستحباب، (كما سيأتي في كتاب الشبهات) قريبا، (إذ من الشبهات ما يجب اجتنابها فتلحق بالحرام) ، إذ هي إليه أقرب، (ومنها ما يكره اجتنابها والورع عنها ورع الموسوسين) الذين تحكم الوسواس في دماغهم، (كمن يمتنع من الاصطياد) مطلقا (خوفا من أن يكون قد أفلت) ذلك الصيد (من إنسان) كان (أخذه وملكه، وهذا وسواس) محض، وكمن يمتنع من الانتفاع بطين النيل حذرا من أن يكون في أيام زيادته قد جاز على ملك البعض فاختلط به، (ومنها ما يستحب اجتنابها ولا يجب، وهذا الذي يتأول عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم) nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن بن علي رضي الله عنهما: (دع ما يريبك) أي: يوقعك في الريب، يقال: رابه وأرابه، (إلى ما لا يريبك) ، أي: إلى ما لا تشك فيه من الحلال البين، وقال الطيبي : أي: اترك ما اعترض لك الشك فيه منقلبا عنه إلى ما لا شك فيه .
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وصححاه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي اهـ .
قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير من حديث رابعة بن معبد ، وأبو عبد الرحمن السلمي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة ، وقد رويت زيادات في هذا الحديث وهي: nindex.php?page=hadith&LINKID=944616فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة ، كذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث الحسن ، وفي أخرى: فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة. وهكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14724الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14274والدارمي nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، وفي أخرى: nindex.php?page=hadith&LINKID=65397فإن الصدق ، وهكذا رواه ابن قانع ، وفي أخرى: فإنك لن تجد ثقل شيء تركته لله عز وجل ، وهذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في تاريخه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقال الخليل : الصواب وقفه عليه، وفي هذه الأخبار عموم يقتضي أن الريبة تقع في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الأحكام، وأن ترك الريبة في كل ذلك ورع ، (ونحمله على نهي التنزيه) ، فالأمر للندب لما أن توقي الشبهات مندوبة لا واجبة على الأصح، (وكذلك قوله) صلى الله عليه وسلم: ( nindex.php?page=hadith&LINKID=28807كل ما أصميت ) أي: أسرعت إزهاق روحه من الصيد، والإصماء أن يقتل الصيد مكانه، ( nindex.php?page=hadith&LINKID=28807ودع ما أنميت ) أي: مما أصبته بنحو سهم أو كلب فمات، ولا يدرى حاله فمات [ ص: 24 ] وإليه أشار المصنف بقوله: (والإنماء) أي: لغة (أن يجرح الصيد) ، أي: يصيبه بنحو سهم أو كلب، (فيغيب عنه) ، فلا يدري ما حاله (ثم يدركه ميتا) .
والحديث قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي موقوفا عليه، وقال: إن المرفوع ضعيف اهـ .
قال الهيثمي : فيه عثمان بن عبد الرحمن أظنه القرشي وهو متروك، (إذ يحتمل أنه مات بسقطة أو بسبب آخر، فالذي نختاره كما سيأتي أن هذا ليس بحرام، ولكن تركه من ورع الصالحين) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أجمعوا على أن السهم إذا أصاب الصيد فجرحه جاز أكله، ولو لم يعلم مات بالجرح أو من سقوطه في الهواء، أو من وقوعه على الأرض، وأنه لو وقع على جبل مثلا فتردى عنه فمات لا يؤكل، وأن السهم إذا لم ينفذ مقاتله لا يؤكل إلا إذا أدركت ذكاته اهـ .