الحالة الثانية أن يكون مشكوكا فيه بسبب دلالة أورثت ريبة ، فلنذكر صورة ريبة ثم حكمها .
أما ، الخلقة فبأن يكون على خلقة الأتراك والبوادي والمعروفين بالظلم وقطع الطريق وأن يكون طويل الشارب وأن يكون الشعر مفرقا على رأسه على دأب أهل الفساد .
وأما الثياب فالقباء والقلنسوة وزي أهل الظلم والفساد من الأجناد وغيرهم .
وأما الفعل والقول فهو إن يشاهد منه الإقدام على ما لا يحل فإن ذلك يدل على أنه يتساهل أيضا في المال ويأخذ ما لا يحل فهذه مواضع الريبة .
فإذا أراد أن يشتري من مثل هذا شيئا ويأخذ منه هدية أو يجيبه إلى ضيافة ، وهو غريب مجهول عنده لم يظهر له ، منه إلا هذه العلامات فيحتمل أن يقال: إن اليد تدل على الملك وهذه الدلالات ضعيفة فالإقدام جائز ، والترك من الورع .
ويحتمل أن يقال : إن اليد دلالة ضعيفة ، وقد قابلها مثل هذه الدلالة فأورثت ريبة ، فالهجوم غير جائز وهو الذي نختاره ونفتي به لقوله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
فظاهره أمر وإن كان يحتمل الاستحباب لقوله صلى الله عليه وسلم : الإثم حزاز القلوب .
وهذا له وقع في القلب لا ينكر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أصدقة هو أهدية .
(الحالة الثانية أن يكون مشكوكا فيه بسبب دلالة أورثت ريبة، فلنذكر صورته) أولا (ثم) نبين (حكمه) ثانيا، (أما الصورة فهو أن يدل على تحريم ما في يده دلالة، إما من خلقته، وإما من زيه) وهيئته، (وثيابه، أو من فعله، وقوله، أما الخلقة فهو أن يكون على خلقة الأتراك) من الجنود، (و) على خلقة (البوادي) وهم جفاة العرب، (و) على خلقة (المعروفين بالظلم) ، والغشومية (وقطع الطريق) ، ونهب الأموال، (وأن يكون طويل الشارب) وهو الشعر النابت على الشفة العليا وطوله من هيئة من ذكر يقصدون بذلك الإرهاب، وهو خلاف السنة، وفي إرخاء السبال خلاف مر في كتاب أسرار الطهارة، (وأن يكون طويل الشعر) أي: شعر الرأس، (مفرقا على رأسه) يمنة ويسرة، (على دأب أهل الفساد) ، وكان ذلك شائعا في زمان المصنف، (وأما الثياب فكالقباء) مفتوح ممدود عربي، والجمع أقبية اسم لنوع من الثياب، (والقلنسوة) فعلنوة بفتح العين وسكون النون وضم اللام، والجمع القلانس، (وزي أهل الفساد والظلم من الأجناد وغيرهم) ، وهذا الذي ذكره من هيئاتهم وملابسهم، فباعتبار ما كان موجودا في زمنه، وأما بعده فقد تغيرت أحوالهم في الهيئات والملابس على طرق شتى، والاعتبار بزي كل زمان، (وأما الفعل والقول فهو أن يشاهد منه الإقدام) والجرأة (على ما لا يحل) فعله أو قوله، (فذلك يدل على أنه يتساهل أيضا في) تناول (المال ويأخذ ما لا يحل) له أخذه منه، (فهذه مواضع الريبة) بلا شك .
(فإذا أراد أن يشتري من مثل هذا شيئا أو يأخذ منه هدية أو يجيبه في ضيافة، وهو غريب مجهول عنده، ولم تظهر منه إلا هذه العلامات) الدالة على فساد حاله، (فيحتمل أن يقال: اليد) الواضعة (تدل على الملك) الأصلي، (وهذه الدلالات) والعلامات (ضعيفة) لا قوة لها بالإضافة إلى قوة الملك، (فالإقدام جائز، والترك من الورع، ويحتمل أن يقال: إن اليد دلالة ضعيفة، وقد قابلها مثل هذه الدلالة فأورثت) في الجملة (ريبة، فالهجوم غير جائز) في هذه الصورة، (وهو الذي نختاره ونفتي به) نظرا (لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) تقدم في الباب قبله وفي كتاب العلم .
(وظاهره أمر وإن كان يحتمل الاستحباب) دون الوجوب (ولقوله صلى الله عليه وسلم: الإثم حزاز القلوب) تقدم في الباب قبله وفي كتاب العلم، (وهذا له وقع في القلب) وحزازة (لا ينكر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل) سلمان عن التمر الذي جاء به إليه (أصدقة) هو (أو هدية) ؟ فلم يأكل أولا وأكل ثانيا كما تقدم .