فأما إذا علم بالخبرة أنه جندي أو مغن أو مرب واستغنى عن الاستدلال عليه بالهيئة والشكل والثياب فههنا ، السؤال واجب لا محالة كما في موضع الريبة ، بل أولى .
(الحالة الثالثة: أن يكون المال معلوما بنوع خبرة وممارسة بحيث يوجب ذلك ظنا في حل المال وتحريمه ، مثل أن يعرف صلاح الرجل وديانته وعدالته في الظاهر) ، أي: فيما يراه من ظاهر أحواله، (وجوز أن يكون الباطن بخلافه) أي: مخالفا للظاهر، (فههنا لا يجب السؤال، ولا يجوز كما في المجهول بل أولى) من المجهول في عدم السؤال. (والإقدام ههنا أبعد عن الشبهة من الإقدام على الطعام المجهول، فإن ذلك بعيد عن الورع وإن لم يكن حراما، وأما أكل طعام أهل الصلاح) والتقوى، (فدأب الأنبياء) عليهم السلام، (و) دأب (الأولياء) ، وشأنهم (قال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=664688لا تأكل إلا طعام تقي ولا يأكل طعامك إلا تقي ) . تقدم تخريجه في كتاب الزكاة .
وفي القوت: وقد روينا في الخبر فساقه ثم قال: لأن التقي قد استبرأ لدينه واجتهد لعلمه، واحتاط لنفسه، فقد كفاك مؤنة البحث وأسقط عنك طلب الاجتهاد; لأنه قد ناب عنك فيه، وقام لك به فلذلك جاءت الأحاديث على هذا المعنى، ثم ساق أربعة أحاديث ثم قال: فلذلك كان المتقدمون يستحبون أكل طعام الصالحين والعلماء، فأما من لا يحتاط لنفسه ولا يستبرئ لدينه، ولا يتقي في كسبه حتى [ ص: 83 ] لا يبالي من أين يأكل، وكيف يكتسب، وإن قدر على الدرهم أخذه، فهذا غير تقي فحينئذ يلزمك البحث لنفسك والاجتهاد بعلمك والاحتياط لدينك إذا لم يقم به غيرك ولم يكفك أخوك، فلهذا قيل: لا تأكل إلا طعام تقي، والتقي هو المتقي للحرام والمجتنب للآثام، ففي دليل خطابه لا تأكل طعام غير تقي اهـ. (فأما إذا علم بالخبرة أنه جندي أو مغن أو مرب) ، أي: يستعمل الربا في معاملاته، (واستغنى عن الاستدلال عليه بالهيئة والشكل والثياب، فههنا السؤال واجب لا محالة كما) أنه واجب (في موضع الريبة، بل أولى) لقوة الدلالة .