وقال عليه السلام : اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا فيحبه قلبي .
بين صلى الله عليه وسلم إن القلب لا يكاد يمتنع من ذلك .
وروي أن بعض الأمراء أرسل إلى مالك بن دينار بعشرة آلاف درهم ، فأخرجها كلها فأتاه محمد بن واسع فقال : ما صنعت بما أعطاك هذا المخلوق قال : سل أصحابي فقالوا : أخرجه كله فقال :
أنشدك الله أقلبك أشد حبا له الآن أم قبل أن أرسل إليك لا ؟ : بل الآن قال: إنما كنت أخاف هذا .
وقد صدق فإنه إذا أحبه أحب بقاءه وكره عزله ونكبته وموته ، وأحب اتساع ولايته وكثرة ماله ، وكل ذلك حب لأسباب الظلم وهو مذموم .
وقد حكي عن بعض عباد البصرة أنه كان يأخذ أموالا ويفرقها فقيل له : ألا تخاف أن تحبهم فقال : لو أخذ رجل بيدي وأدخلني الجنة ، ثم عصى ربه ، ما أحبه قلبي ; لأن ما الذي سخره للأخذ بيدي هو الذي أبغضه لأجله شكرا له على تسخيره إياه .
وبهذا تبين أخذ المال الآن منهم وإن كان ذلك المال بعينه من وجه حلال محذور ومذموم ; لأنه لا ينفك عن هذه الغوائل .
وأما الجواب عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وإنه لا يليق بمقامه فقد يقال: إن هذا كان في أوائل أمره، وقد يستأنس له بالذي أورده المصنف فقال: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا فيحبه قلبي ) قلت: ويروى: اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة يرعاه بها قلبي .
وقال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه في التفسير من رواية كثير بن عطية عن رجل لم يسم، ورواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ nindex.php?page=showalam&ids=12168وأبو موسى المديني في كتاب تضييع العمر والأيام من طريق أهل البيت مرسلا، وأسانيده كلها ضعيفة اهـ .
(وروي أن بعض الأمراء) يعني أمراء البصرة (أرسل إلى مالك بن دينار) بن يحيى البصري العابد (بعشرة آلاف، فأخرجها كلها) بأن فرقها على الحاضرين، (فأتاه محمد بن واسع) بن جابر بن الأخنس الأزدي أبو بكر أبو عبد الله البصري، ثقة عابد، كثير المناقب، روى له مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وقد تقدم ذكره مرارا، (فقال له: ما صنعت بما أعطاك هذا المخلوق) يعني: الأمير ولم يسمه بالأمير، (فقال: سل أصحابي) ، فسألهم (فقالوا: أخرجه كله) وفرقه، (فقال: أنشدك الله أقلبك أشد حبا له الآن أم قبل أن أرسل إليك؟ فقال: بل الآن، فقال: كنت أخاف هذا) .
وقد أخرج هذه القصة nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية فقال: حدثنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد ، حدثنا هارون بن هارون ، حدثنا حمزة عن nindex.php?page=showalam&ids=13286ابن شوذب ، قال: قسم أمير من أمراء البصرة على قراء البصرة ، فبعث إلى nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار فقبل، فأتى nindex.php?page=showalam&ids=17036محمد بن واسع فقال: يا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، قبلت جوائز السلطان، قال: فقال: يا أبا بكر سل جلسائي فقالوا: يا أبا بكر اشترى بها رقابا فأعتقها، فقال له محمد : أنشدك الله أقلبك الساعة له على ما كان عليه قبل أن يجزيك؟ قال: اللهم لا، قال: ترى أي شيء دخل عليك؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لجلسائه: إنما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حمار إنما يعبد الله مثل nindex.php?page=showalam&ids=17036محمد بن واسع اهـ .
(وقد صدق) nindex.php?page=showalam&ids=17036محمد بن واسع ، (فإنه إذا أحبه أحب بقاءه وكره عزله ونكبته) ، أي: مصيبته (وموته، وأحب اتساع ولايته وكثرة ماله، وكل ذلك حب لأسباب الظلم وهو مذموم) ، ولذا قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ما قال، واعترف لنفسه بالتقصير في مقام المعرفة بالله تعالى .
(وقال سلمان) الفارسي (وابن مسعود) رضي الله عنهما: ( من رضي بأمر وإن غاب عنه كان كمن شهده ) وعاينه، (وقال الله تعالى) في كتابه العزيز: ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) أي: لا تميلوا إليهم بقلوبكم، (وقيل) في بعض التفاسير، أي: (لا ترضوا بأعمالهم) ، أي: فمن رضي بأعمالهم كان كالعامل لها فيحشر معهم، (فإن كنت) أيها المريد (في القوة) والطاقة (بحيث لا تزداد حبا بذلك) ، وتكون كما كنت عليه قبل، (فلا بأس بالأخذ) ، وهذا مقام nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس وأضرابه، (وقد حكي عن بعض عباد البصرة أنه كان يأخذ) من الأمراء (أموالا ويفرقها) لمستحقيها، (فقيل له: ألا تخاف أن تحبهم) ، فإن المال يميل القلوب، (فقال: لو أخذ رجل بيدي فأدخلني الجنة، ثم عصى ربه، ما أحبه قلبي; لأن الذي سخره للأخذ بيدي هو الذي أبغضه لأجله شكرا له على تسخيره إياه) لي، (وبهذا يتبين أن أخذ المال منهم الآن وإن كان ذلك المال بعينه من وجه حلال محذور ومذموم; لأنه لا يسلم) الآخذ، (من هذه الغوائل) ، وفي نسخة: لأنه لا بد له من هذه الغوائل، وهذا دقيق جدا .