إن قال قائل : إذا جاز أخذ ماله وتفرقته ، فهل يجوز أن يسرق ماله أو تخفى وديعته وتنكر وتفرق على الناس فنقول : ذلك غير جائز ; لأنه ربما يكون له مالك معين وهو على عزم أن يرده عليه وليس هذا كما لو بعثه إليك فإن العاقل لا يظن به أنه يتصدق بما يعلم مالكه فيدل تسليمه على أنه لا يعرف مالكه فإن كان ممن يشكل عليه مثله ، فلا يجوز أن يقبل منه المال ما لم يعرف ذلك ، ثم كيف يسرق ويحتمل أن يكون ملكه قد حصل له بشراء في ذمته فإن اليد دلالة على الملك .
فهذا لا سبيل إليه بل لو وجد لقطة وظهر أن صاحبها جندي واحتمل أن تكون له بشراء في الذمة أو غيره وجب الرد عليه .
فإذا لا يجوز سرقة مالهم لا منهم ولا ممن أودع عنده .
ولا يجوز إنكار وديعتهم ، ويجب الحد على سارق ما لهم إلا إذا ادعى السارق أنه ليس ملكا لهم فعند ذلك يسقط الحد بالدعوى .
(مسألة) أخرى، (فإن قال قائل: إذا جاز أخذ ماله وتفرقته، فهل يجوز أن يسرق ماله أو تخفى وديعته وتنكر وتفرق على الناس ) أم لا، (فيقال: ذلك غير جائز; لأنه ربما يكون له مالك معين وهو على [ ص: 149 ] عزم) ، أي: قصد ونية (أن يرده إليه) أي: إلى مالكه (وليس هذا كما إذا بعثه إليك) هدية وإكراما، (فإن العاقل لا يصلح به أن يتصدق بما يعلم مالكه فيدل تسليمه) ، وفي نسخة: إعطاؤه (على أنه لا يعرف مالكه فإن كان ممن يشكل عليه مثله، فلا يجوز أن يقبل منه المال ما لم يعرف ذلك، ثم كيف) يجوز له أن (يسرق ويحتمل أن يكون ملكه قد حصل له بشراء) صحيح، (في ذمته فإن اليد دلالة على الملك، فهذا لا سبيل إليه بل) نقول (لو وجد لقطة وظهر أن صاحبها جندي) مثلا (فاحتمل أن يكون له بشراء في الذمة أو غيره) كأن ورثه من أبيه أو وهبه له أحد (وجب الرد عليه) ، ولم يجز تفرقته، (فإذا لا يجوز سرقة مالهم لا منهم ولا ممن أودع عنده، ولا يجوز إنكار وديعتهم، ويجب الحد على سارق مالهم) ، لكونه أخذه من حرز المثل (إلا) في صورة، وهي (إذا ادعى السارق أنه ليس ملكا لهم فعند ذلك يسقط) الحد (بالدعوى) .