ولا بد أن يتميز بخصال وصفات يرغب بسببها في صحبته وتشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من الصحبة ؛ إذ معنى الشرط ما لا بد منه للوصول إلى المقصود فبالإضافة إلى المقصود تظهر الشروط .
ويطلب من الصحبة فوائد دينية ودنيوية ، أما الدنيوية فكالانتفاع بالمال أو الجاه أو مجرد الاستئناس بالمشاهدة والمجاورة وليس ذلك من أغراضنا .
وأما الدينية فيجتمع فيها أيضا أغراض مختلفة إذ منها الاستفادة من العلم والعمل ومنها الاستفادة من الجاه تحصنا به عن إيذاء من يشوش القلب ويصد عن العبادة ومنها استفادة المال للاكتفاء به عن تضييع الأوقات .
في طلب القوت ومنها الاستعانة في المهمات فيكون عدة في المصائب وقوة في الأحوال ومنها التبرك بمجرد الدعاء ومنها انتظار الشفاعة في الآخرة فقد ، قال السلف استكثروا : من الإخوان ؛ فإن لكل مؤمن شفاعة ؛ فلعلك تدخل في شفاعة أخيك .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وقال: صحيح إن شاء الله. اهـ .
قلت: وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14724الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=15007والقضاعي من طريقه، والعسكري كلهم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17183موسى بن وردان عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وتوسع nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، ورواه العسكري من طريق سليمان ابن عمر، والنخعي عن إسحاق بن عبد الله بن طلحة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا، ولفظه: nindex.php?page=hadith&LINKID=688530 "المرء على دين خليله ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك الخير مثل الذي ترى"، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في كامله وسنده ضعيف، وهو في الشعب nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي بلفظ: "من يخال" بلام واحدة مشددة، وفي هذا المعنى قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
(فلا بد أن يتميز بخصال يرغب في صحبته بسببها وتشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من الصحبة؛ إذ معنى الشرط ما لا بد منه للوصول إلى المقصود) ، ويكون كالعلامة عليه (فبالإضافة إلى المقصود تظهر الشروط) وتبان العلامات (وتطلب من الصحبة فوائد دينية ودنيوية، أما الدنيوية فكالانتفاع بالمال [ ص: 199 ] أو الجاه أو بمجرد الاستئناس بالمشاهدة) لوجهه هو (وبالمجاورة) حيث يسكن (وليس ذلك من غرضنا وأما الدينية فتجتمع فيها أغراض مختلفة) باختلاف الأشخاص والأحوال (إذ منها الاستفادة في العلم والعمل ومنها الاستفادة في الجاه تحصنا به عن إيذاء من يشوش القلب) ويفرقه (ويصد عن العبادة ومنها استفادة المال للاكتفاء به عن تضييع الأوقات في طلب الأقوات) فإن تحصيل القوت يستدعي أوقاتا إن هو تأخر عنها لم يحصل على مقصوده فيضيعها فيما يشغله عن عبادة الله .
(ومنها الاستعانة في المهمات) أي: الأمور اللازمة (فيكون عدة في المصائب) يستعين به في رفع النوازل (أو قوة في الأحوال ومنها التبرك بمجرد الدعاء) الصالح (ومنها انتظار الشفاعة في) الدار (الآخرة، قال بعض السلف: استكثر من الإخوان؛ فإن لكل مؤمن) عند الله (شفاعة؛ فلعلك تدخل في شفاعة أخيك) نقله صاحب القوت، وقد روي ذلك مرفوعا، أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12938ابن النجار في تاريخه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بسند ضعيف مرفوعا: "استكثروا من الإخوان؛ فإن لكل مؤمن شفاعة" والمراد به الاستكثار من مؤاخاة الأخيار، فإن لم يكونوا خيارا فينبغي الإقلال منهم كما قال nindex.php?page=showalam&ids=12734ابن الرومي:
عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه يكون من الطعام أو الشراب
وأما صاحب القوت فقال: وروينا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا غريبا في تفسير قوله تعالى يعني في الشورى: ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله (قال: يشفعهم في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم) قلت: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي في قوله: ويزيدهم من فضله قال: يشفعون في إخوان إخوانهم (ويقال: إذا غفر للعبد شفع في إخوانه) نقله صاحب القوت .
(ولذلك حث جماعة من السلف على الصحبة والألفة والمخالطة وكرهوا العزلة والانفراد) منهم المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة وشريح nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل كما سيأتي ذلك في أول كتاب العزلة .