أحدهما أن تطالع أحوال نفسك فإن وجدت فيها شيئا واحدا مذموما فهون على نفسك ما تراه من أخيك .
وقدر أنه عاجز عن قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة كما أنك عاجز عما أنت مبتلى به ولا تستثقله بخصلة واحدة مذمومة فأي الرجال المهذب وكل ما لا تصادفه من نفسك في حق الله فلا تنتظره من أخيك في حق نفسك فليس حقك عليه بأكثر من حق الله عليك .
والأمر الثاني : أنك تعلم أنك لو طلبت منزها عن كل عيب اعتزلت عن الخلق كافة ولن تجد من تصاحبه أصلا فما من أحد من الناس إلا وله محاسن ومساو ، فإذا غلبت المحاسن المساوي فهو الغاية والمنتهى فالمؤمن الكريم أبدا يحضر في نفسه محاسن أخيه لينبعث من قلبه التوقير والود والاحترام وأما المنافق اللئيم فإنه أبدا يلاحظ المساوي والعيوب .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العثرات .
(أما ذكر مساويه وعيوبه ومساوي أهله فهو من الغيبة) لأنه ذكر له فيما يكرهه (وذلك حرام في حق كل مسلم ويزجرك عنه أمران أحدهما أن تطالع أحوال نفسك) خاصة (فإن وجدت فيها شيئا واحدا مذموما فهون على نفسك ما تراه من أخيك) المؤمن (وقدر) في نفسك (أنه عاجز قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة كما أنك عاجز فيما أنت مبتلى به) واقع فيه [ ص: 212 ] (فلا تستثقله بخصلة واحدة مذمومة) قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: (فأي الرجال المهذب) هيهات (وكل ما لا تصادفه من نفسك في حق الله) تعالى (فليس بحقك عليك بأكثر من حق الله عليك، والأمر الثاني: أنك لو طلبت أخا منزها من كل عيب) وزلل (اعتزلت عن الخلق كافة) وجانبتهم (ولم تجد) في الدنيا (من تصاحبه أصلا) وأعياك طلبه، ومنه قول الحريري، واعلم بأنك إذ طلبت مهذبا رمت الشطط (فما من الناس أحد إلا وله محاسن ومساوئ، فإذا غلبت المحاسن المساوئ فهو الغاية) القصوى (والمنتهى) في الرغبات، ولفظ القوت: فمن ظهرت محاسنه فغلبت مساوئه فهو المؤمن المقتصد (فالمؤمن الكريم أبدا يحضر في نفسه محاسن أخيه لينبعث في قلبه التوقير) أي: التعظيم (والود والإكرام) وفي نسخة: والاحترام (وأما المنافق اللئيم فإنه أبدا يلاحظ المساوئ والعيوب) ولفظ القوت: فالأخ الشفيق الرقيق الكريم يذكر أحسن ما يعلم في أخيه والمنافق اللئيم يذكر أسوأ ما يعلم فيه .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التاريخ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بسند ضعيف nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأبي سعيد بسند صحيح: nindex.php?page=hadith&LINKID=671668 "تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام". انتهى .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا في معناه بسنده إلى الحسن قال: قال لقمان لابنه: يا بني حملت الجندل وكل ثقيل فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء، وذقت المرار فلم أذق شيئا أمر من الصبر.