فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل وإذا جعل مثل هذا عدلا في حق الله فبأن تراه عدلا في حق نفسك ، ومقتضى أخوتك أولى .
وكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساويه يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن فسوء الظن غيبة بالقلب وهو منهي عنه أيضا وحده أن لا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكن أن تحمله على وجه حسن .
فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة فلا يمكنك أن لا تعلمه وعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان إن أمكن وهذا الظن ينقسم إلى ما يسمى تفرسا وهو الذي يستند إلى علامة فإن ذلك يحرك الظن تحريكا ضروريا لا يقدر على دفعه وإلى ما منشؤه سوء اعتقادك فيه حتى يصدر منه فعل له وجهان فيحملك سوء الاعتقاد فيه على أن تنزله على الوجه الأردإ من غير علامة تخصه به ، وذلك جناية عليه بالباطن ، وذلك حرام في حق كل مؤمن .
إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الله قد حرم على المؤمن من المؤمن دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السوء .
وقال صلى الله عليه وسلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أطول منه بسند ضعيف أيضا. انتهى .
والبيان هو التعمق في إظهار الفصاحة في المنطق وتكلف البلاغة في أساليب الكلام، قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وقال: حسن غريب. nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة، (وفي حديث آخر) قال -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=907042 (إن الله كره لكم البيان كل البيان) أي: لأنه يجر إلى أن يرى الواحد منا لنفسه فضلا على من تقدمه في المقال ومزية عليه في العلم أو الدرجة عند الله بفضل خص به عنهم فيحتقر من تقدمه ولا يعلم المسكين أن قلة كلام السلف إنما كان ورعا وخشية لله تعالى، ولو أرادوا الكلام وإطالته لما عجزوا، وأعني أنهم إذا ذكروا عظمة الله تلاشت عقولهم وأسكرت قلوبهم وقصرت ألسنتهم .
والبيان جمع الفصاحة في اللفظ والبلاغة في المعنى، قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني في كتاب رياضة المتعلمين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة بسند ضعيف. انتهى. قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير كذلك وفي سنده عفير بن معدان، وهو ضعيف. (ولذلك قال الشافعي) -رضي الله عنه-، ولفظ القوت: وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رحمه الله تعالى- في وصف العدالة قولا حسنا استحسنه العلماء، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول (ما أحد من المسلمين يطيع الله عز وجل فلا يعصيه ولا أحد يعصي الله عز وجل فلا يطيعه) ، ولفظ القوت: حتى لا يعصيه وحتى لا يطيعه في الموضعين (فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل) لفظ القوت: فهو العدل، قال ابن عبد الحكم: وهذا كلام الحذاق (وإذا جعل مثل ذلك حقا في عدل الله) تعالى (فبان تراه عدلا في حق نفسك، ومقتضى أخوتك أولى، وكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساويه يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن) فيه (فسوء الظن غيبة بالقلب وهو منهي عنه أيضا) لأن لفظ الغيبة شامل للكل (وحقه) عليك (أن لا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكنك أن تحمله على وجه حسن) أي: ما وجدت سبيلا إليه (فأما إن انكشف لك بيقين وشاهدته) بعينك (فلا يمكنك أن لا تعلمه وعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان إن أمكن) كما هو الأليق بحال المؤمن (وهذا الظن ينقسم إلى ما يسمى تفرسا وهو أن يستند إلى علامة) تدل عليه (فإن ذلك يحرك الظن تحركا ضروريا ما يقدر على دفعه وما منشؤه سوء اعتقادك فيه حتى إذا صدر منه) ، وفي نسخة: حتى يصدر منه (فعل له وجهان فيحملك له سوء الاعتقاد على أن تنزله على الوجه الأردأ) أي: الأقبح (من غير علامة) هناك (تخصه بها، وذلك جناية عليه بالباطن، وذلك حرام في حق كل مؤمن؛ إذ قال -صلى الله عليه وسلم-) ولفظ القوت: وكذلك الفرق بين الفراسة وسوء الظن أن الفراسة ما توسمته من أخيك بدليل يظهر لك أو شاهد يبدو منه أو علامة تشهدها فيه فتنتظر من ذلك فيه ولا تنطق به إن كان سوءا ولا تظهره ولا تحكم عليه ولا تقطع به فتأثم، فسوء الظن مما تظننته من سوء رأيك فيه أو لأجل حقد في نفسك عليه أو لسوء نية تكون منك أو خبث حال فيك تعرفها من نفسك، فتحمل حال أخيك عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن الآثم وهو غيبة القلب، وذلك المحرم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله قد حرم من المؤمن دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السوء) [ ص: 214 ] قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في التاريخ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس دون قوله: وعرضه، ورجاله ثقات إلا أن أبا علي النيسابوري قال: ليس هذا عندي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو عندي من قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=13478ولابن ماجه نحوه من حديث ابن عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=689210 "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه". (وقال) -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والظن) أي: احذروا اتباع الظن أو احذروا سوء الظن بمن لم يسئ الظن به، والظن تهمة تقع في القلب بلا دليل، فإنما ينشأ الظن الخبيث من القلب الخبيث، وفيه يقول الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم وعادى محبيه بقول عدوه وأصبح في ليل من الشك مظلم
(فإن الظن) أقام المظهر مقام المضمر؛ إذ القياس فإنه لزيادة تمكن المسند إليه في ذكر السامع حثا على الاجتناب (أكذب الحديث) أي: حديث النفس؛ لأنه يكون بإلقاء الشيطان في نفس الإنسان، واستشكل تسمية الظن حديثا، وأجيب بأن المراد عدم مطابقة الواقع قولا أو غيرة، وما ينشأ عن الظن يوصف الظن به مجازا، قال العراقي: متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة. انتهى .
قلت: وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وللحديث بقية يأتي ذكرها بعده، وهو قوله: "ولا تجسسوا" إلخ .