وعلة عقد الأخوة التعاون في الدين ولا يستمر ذلك من مقارفة المعصية فأقول أما كونه ألطف فلما فيه من الرفق والاستمالة والتعطف المفضي إلى الرجوع والتوبة لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة ومهما قوطع وانقطع طمعه عن الصحبة أصر واستمر .
وأما كونه أفقه فمن حيث إن الأخوة عقد ينزل منزلة القرابة فإذا انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد ومن الوفاء به أن لا يهمل أيام حاجته وفقره وفقر الدين أشد من فقر المال وقد أصابته جائحة وألمت به آفة افتقر بسببها في دينه فينبغي أن يراقب ويراعي ولا يهمل بل لا يزال يتلطف به ليعان على الخلاص من تلك الوقعة التي ألمت به .
(وعلة عقد الأخوة التعاون في الدين) والمثابرة على أموره (ولا يستمر ذلك مع مقارفة المعصية) وارتكابها (فأقول) في الجواب (أما كونه ألطف فلما فيه من الرفق والاستمالة والتعطف المفضي) كل واحد من ذلك (إلى الرجوع) إلى الحق (والتوبة) عن المعصية (لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة) والرفقة (ومهما قوطع) بالمباينة (وانقطع طمعه عن الصحبة أصر) على المعصية (واستمر) على حالته التي هو فيها .
(وأما كونه أفقه فمن حيث إن الأخوة عقد) بين المتواخيين (ينزل منزلة القرابة) القريبة (فإذا انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد) المذكور وصيغته أن يقول: آخيتك في الله ورسوله أو اتخذتك أخا في الله ورسوله أو مثل ذلك (ومن الوفاء به أن لا يهمل) أي: لا يترك (أيام حاجته وفقره) واحتياجه (و) لإخفاء أن (فقر الدين أشد من فقر المال) ؛ لأن ملة المال تسد بأدنى شيء وثلمة الدين لا جبر لها؛ ففقير الدين أبدا فقير ولو كان متمولا (وقد أصابته جائحة) هي الداهية المستأصلة (وألمت به) أي: نزلت (آفة افتقر بسببها في دينه) وعري عنه (فينبغي أن يراقب ويراعى) حاله (ولا يهمل) بالكلية (بل لا يزال يتلطف به لعيان على الخلاص من الواقعة التي ألمت به) على وجه يرتضى .