إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والقريب لا يجوز أن يهجر بالمعصية ؛ ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في عشيرته فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ولم يقل : إني بريء منكم ، مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب .

وإلى هذا أشار أبو الدرداء لما قيل له : ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا فقال ؟ إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي .


(والقريب لا يجوز أن يهجر بالمعصية؛ ولذلك قال الله -عز وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في) حق (عشيرته) وقرابته (فإن عصوك) ولم يتبعوك (فقل إني بريء مما تعملون ولم يقل:) فقل (إني بريء منكم، مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب) نقله صاحب القوت، وقال صاحب العوارف: ففيه أنه لا يبغض الأخ بعد الصحبة لكن يبغض عمله، وفيه تقوية لما ذهب إليه أبو الدرداء وغيره من الصحابة (وإلى هذا أشار أبو الدرداء) -رضي الله عنه- (لما قيل له: ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا؟) ولفظ القوت: وروينا عن أبي الدرداء أن شابا غلب على مجلسه حتى أحبه أبو الدرداء فكان يقدمه على الأشياخ ويقربه فحسدوه، وإن الشاب وقع في كبيرة من الكبائر فجاءوا إلى أبي الدرداء ما كان منه فقيل له: لو أبعدته وهجرته؟ فقال: سبحان الله! لا يترك الصاحب لشيء كان فيه. انتهى .

ثم قال صاحب القوت: وروينا عن بعض التابعين وعن الصحابة في مثل ذلك وقد قيل له فيه فقال: (إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي) فانظر كيف خلط المصنف بين قولين؟ وقال أبو نعيم في الحلية: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الرازق عن معمر بن أيوب عن أبي قلابة أن أبا الدرداء مر على رجل قد أصاب ذنبا فكانوا يسبونه، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في [ ص: 230 ] قليب ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم، قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي .

التالي السابق


الخدمات العلمية