الوفاء والإخلاص ، ومعنى الوفاء الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه فإن الحب إنما يراد للآخرة ، فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي ولذلك قال عليه السلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه .
وقال بعضهم : قليل الوفاء بعد الوفاء خير من كثيره في حال الحياة ولذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم أكرم عجوزا دخلت عليه فقيل له في ذلك فقال : إنها كانت تأتينا أيام nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة وإن كرم العهد من الدين .
(الحق السابع:
الوفاء والإخلاص ، ومعنى الوفاء الثبات على الحب والإقامة) عليه (إلى) نزول حادثة (الموت) به (وبعد الموت) أيضا (مع أولاده) وأحفاده (وأصدقائه) ومحبيه وملازميه (فإن الحب إنما يراد للآخرة، فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي) ولفظ القوت: فقد كانوا يتواخون ويتعارفون لمنافع الآخرة الباقية لا لمرافق الدنيا الفانية، وأفضل الأخوة كما قال بعض العلماء: المحبة الدائمة والألفة اللازمة من قبل أن الأخوة والمحبة عمل، وكل عمل يحتاج إلى حسن الخاتمة به ليتم العمل به فيكمل أجره، فإن لم يختم له بالأخوة ولم يحسن عاقبة الصحبة والمحبة فقد أدركه سوء الخاتمة وبطل عنه ما كان قبل ذلك، فقد يصطحب الاثنان ويتواخى الرجلان عشرين سنة ثم لا يختم لهما بحسن الأخوة فيحبط بذلك ما سلف من الصحبة، فلذلك شرط العالم المحبة الدائمة والألفة اللازمة إلى الوفاة ليختم له به .
(ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- في السبعة الذين يظلهم الله في ظله) فساق الحديث الذي تقدم ذكره، وفيه: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه) وفي القوت: وقال nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ: ثلاث عزيزة في وقتنا هذا، ذكر منها حسن الإخاء مع الوفاء يعني بالوفاء أن يكون له في غيبه ومن حيث لا يعلم ولا يبلغه مثل ما يكون له في شهوده ومعاشرته ويكون له بعد موته ولأهله من بعده كما كان له في حياته. فهذا هو الوفاء وهو المعنى الذي شرطه النبي -صلى الله عليه وسلم- للمؤاخاة في قوله: اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، وجعل جزاءه إظلال العرش يوم القيامة .
(و) لذلك (قال بعضهم: قليل) من (الوفاء بعد الوفاة خير من كثير في حال الحياة) كذا في القوت، قال: وكذلك كان السلف فيما ذكره الحسن وغيره (ولذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم أكرم عجوزا) أي: امرأة قد طعنت في سنها ولا يقال امرأة عجوز إلا في لغة قليلة (دخلت عليه فقيل له في ذلك) أي: في إكرامه لها والاحتفاظ بها (فقال: إنها كانت تأتينا أيام nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة) أي: بنت خويلد -رضي الله عنها- (فإن كرم العهد من الدين) كذا في نسختنا، وفي نسخة العراقي: وإن حسن العهد من الإيمان، وقال: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وقال: صحيح على شرط الشيخين وليس له علة. اهـ .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر من طريق الكريمي عن أبي عاصم فسمى المرأة الحولاء، فيحتمل أن يكون وصفها أو لقبها ويحتمل التعدد على بعد لاتحاد الطريق .
قال الزبير: حدثني سليمان بن عبد الله عن شيخ من أهل مكة هي أم زفر ماشطة nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن [ ص: 236 ] nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، قالت: كانت تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة فيكرمها فقلت: يا رسول الله، من هذه؟ فقال: هذه كانت تأتينا على زمن nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان. وهذا الأخير عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب، وقال: إنه بهذا السند غريب. اهـ .
والعهد ينصرف في اللغة إلى وجوه: أحدها الحفظ والمراعاة وهو المراد هنا، وقول nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: إنه صحيح على شرط الشيخين قد أقره على ذلك الذهبي وسكت عليه العراقي في إصلاح المستدرك، ويظهر مما تقدم أن قول المصنف: فإن كرم العهد من الإيمان ليس في شيء، من رواياته؛ وإنما هو أخذ بالمعنى، وقوله: من الدين أو من الإيمان؛ أي: من أموره أو من خصاله أو من شعبه .