وقال صلى الله عليه وسلم : " يستغفر للعالم ما في السموات والأرض " وأي منصب يزيد على منصب من تشتغل ملائكة السموات والأرض بالاستغفار له .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الحكمة تزيد الشريف شرفا ، وترفع المملوك حتى يدرك مدارك الملوك " وقد نبه بهذا على ثمراته في الدنيا ، ومعلوم أن الآخرة خير وأبقى .
وقال صلى الله عليه وسلم : خصلتان لا يكونان في منافق : حسن سمت وفقه في الدين ولا تشكن في الحديث ؛ لنفاق بعض فقهاء الزمان فإنه ما أراد به الفقه الذي ظننته وسيأتي معنى الفقه .
وأدنى درجات الفقيه أن يعلم أن الآخرة خير من الدنيا ، وهذه المعرفة إذا صدقت وغلبت عليه برئ بها من النفاق والرياء .
(الأخبار) جمع خبر، وقد تقدم الفرق بينه وبين الأثر:
الأول: (قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-) كذا في النسخ، ونقل التاج السبكي عن بعض الشافعية كراهة ذلك، وإنما يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه أدل على التعظيم .
قلت: وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من طريقه، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
قال الحافظ ابن حجر: وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى من حديث nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية من وجه آخر ضعيف، وزاد في آخره: "ومن لم يفقهه في الدين لم يبال الله به" قال العراقي، وأما قوله: "ويلهمه رشده" فعند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير. اهـ .
قال بعض الشراح: إن لم نقل بعموم "من" فالأمر واضح؛ إذ هو في قوة بعض من أريد له الخير، وإن قلنا بعمومها يصير المعنى: كل من يراد به الخير، وهو مشكل بمن مات قبل البلوغ مؤمنا ونحوه، فإنه قد أريد به الخير وليس بفقيه، ويجاب بأنه عام مخصوص، كما هو أكثر العمومات، أو المراد: من يرد الله به خيرا خاصا، على حذف الصفة. اهـ .
قال شيخ مشايخنا أبو الحسن السندي في حاشية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: الوجه حمل الخير على العظيم، على أن التنكير للتعظيم، فلا إشكال، على أنه يمكن حمل الخير على الإطلاق، واعتبار تنزيل من لم يتفقه في الدين منزلة العدم بنسبته إلى الفقيه في الدين، فيكون الكلام مبنيا على المبالغة، كأن من لم يعط الفقه في الدين ما أريد به الخير. وما ذكر من الوجوه لا يناسب المقصود .
ويمكن حمل "من" على المكلفين; لأن كلام الشارع غالبا يتعلق ببيان أحوالهم، فلا يرد من مات قبل البلوغ، أو أسلم ومات قبل مجيء وقت الصلاة مثلا، أي: قبل تقرر التكليف. والله أعلم. اهـ .
وقال القسطلاني: قوله يفقهه، أي: يجعله فقيها في الدين، والفقه لغة الفهم، والحمل عليه هنا أولى من الاصطلاحي؛ ليعم فهم كل علم من علوم الدين، ومن في الحديث موصولة، تضمنت معنى الشرط، وخيرا نكرة في سياق الشرط فتصير كالنكرة في سياق النفي، أي: جميع الخيرات. اهـ .
وفيه أمران:
الأول: ما ذكره في أن من موصولة، وأنها تضمنت معنى الشرط، وهو صريح في أنها عوملت معاملته في الجزم بها، وكلام المغني صريح في خلافه؛ حيث قال: "من" على أربعة أوجه: شرطية [ ص: 71 ] واستفهامية وموصولة ونكرة موصوفة، ثم قال: تقول: من يكرمني أكرمه، فيحتمل من الأوجه الأربعة، فإن قدرتها شرطية جزمت الفعلين، أو موصولة أو موصوفة رفعتهما، أو استفهامية رفعت الأول وجزمت الثاني; لأنه جواب بغير الفاء. اهـ. والحديث محتمل الموصول والموصوف والنكرة الموصوفة أيضا، فتأمل .
والثاني: أن النكرة في سياق النفي أو الشرط لا تعم بهذا الوجه، أي بأن يراد بها جميع الأفراد مرة واحدة، وإنما تعم بمعنى "من يرد الله به خيرا" أي خير كان، كما يقال: جاءني رجل، أو أحد من الرجال، وأيضا: من يرد الله به جميع الخيرات يفقهه في الدين، يفيد أن حيازة جميع الخيرات لا تتم بلا فقه في الدين، فإنه أمر ظاهر، ولا يفيد أن الفقه في الدين لبيان كيفية إعطاء جميع الخيرات الذي يتضمنه الشرط والجزاء قد يقصد به ذلك، فتأمل .
قال ابن القيم: وهذا إذا أريد بالفقه العلم المستلزم للعمل، وأما إن أريد به مجرد العلم فلا يدل على أن من فقه في الدين أراد به خيرا؛ فإن الفقه حينئذ يكون شرطا لإرادة الخير، وعلى الأول يكون موجبا .
الثاني: (وقال عليه السلام: nindex.php?page=hadith&LINKID=14638 "العلماء ورثة الأنبياء") أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء، قاله العراقي.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي في المقاصد: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وآخرون، عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء به مرفوعا بزيادة: nindex.php?page=hadith&LINKID=664976 "وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم" وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، وغيرهما، وحسنه حمزة الكناني، وضعفه غيرهم بالاضطراب في سنده، لكن له شواهد يتقوى بها، ولذا قال شيخنا: له طرق يعرف بها أن للحديث أصلا. اهـ .
قلت: وبمثل زيادة الديلمي عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء أورده nindex.php?page=showalam&ids=12938ابن النجار في تاريخه عن أنس، وقال البدر الزركشي في اللآلئ المنثورة: هو بعض حديث أخرجه أصحاب السنن، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في مسنده، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في معجمه، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه. اهـ .
وقد روي: nindex.php?page=hadith&LINKID=14638 "العلماء ورثة الأنبياء" بأسانيد صحيحة، رواه أبو عمر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم، عن خالد بن يزيد، عن عثمان بن أيمن، عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء. اهـ .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في تاريخه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رفعه: "حملة العلم في الدنيا خلف الأنبياء، وفي الآخرة من الشهداء" قال: حديث منكر، لم نكتبه إلا بهذا السند، وهو غير ثابت .
قال الحافظ في الفتح: أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه، ولم يفصح بكونه حديثا؛ فلهذا لا يعد في تعاليقه، لكن إيراده في الترجمة يشعر بأن له أصلا، وشاهده في القرآن قوله تعالى: ثم أورثنا الكتاب الآية، وله شواهد يتقوى بها، ومثله للعيني، وزاد للعلل التي ذكرناها، يعني ما نذكره في أول حديث فضل التعليم، وخالفهما الكرماني في شرحه، فقال: أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تعليقا; لأنه ليس على شرطه، فتأمل .
(ومعلوم أنه لا رتبة فوق رتبة النبوة، ولا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة) .
الثالث: (وقال عليه السلام: "يستغفر للعالم ما في السماوات والأرض" وأي منصب يزيد على منصب من تشتغل ملائكة السماوات والأرض بالاستغفار له، فهو مشغول بنفسه، وهم مشغولون بالاستغفار له) .
قال العراقي: هو بعض حديث أبي الدرداء المتقدم .
قلت: هذه الزيادة بمعناها أيضا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب كما عند الديلمي، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك كما عند nindex.php?page=showalam&ids=12938ابن النجار، وقد سبق قريبا، وسيأتي له بمعناها من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة في الحديث الثاني عشر .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في العلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=664976 " وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر" يعني أن العالم لما كان سببا في حصول العلم الذي به نجاة النفوس من أنواع المهلكات، كان سعيه مقصورا على هذا، وكانت نجاة العباد على يديه، جوزي من جنس عمله، وجعل من في السماوات والأرض ساعيا في نجاته من أسباب الهلاك [ ص: 72 ] باستغفارهم .
وقوله: "من في السموات والأرض" عام في الحيوانات، ناطقها وبهيمها، طيرها وغيره .
الرابع: (وقال عليه السلام: "إن الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع المملوك حتى يدرك مدارك الملوك" وقد نبه بهذا على ثمرته في الدنيا، ومعلوم أن الآخرة خير وأبقى) .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر في بيان العلم، وعبد الغني الأزدي في أدب المحدث من حديث أنس بإسناد ضعيف اهـ .
قلت: أورده الجلال في ذيله، وعزاه فيه إلى nindex.php?page=showalam&ids=12181أبي نعيم، وفي الصغير إليه وإلى nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي، وكلاهما من طريق nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: "الحكمة تزيد الشريف شرفا" والباقي سواء، قال المناوي: هو من حديث عمر بن حمزة، عن صالح، عن الحسن، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم: غريب، تفرد به عن صالح، وقال العسكري: ليس هذا من المرفوع بل من كلام الحسن وأنس. اهـ .
وأخرج الدينوري في المجالسة قال: حدثنا عبد الرحمن بن فراس، حدثنا محمد بن الحارث المروزي، حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي، حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبي خلدة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية قال: كنت آتي nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقريش حوله، فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير، فتغامزت في قريش، ففطن لهم nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقال: "هكذا العلم، يزيد الشريف شرفا، ويجلس الملوك على الأسرة" اهـ .
وهذا nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح أحد الموالي لما دخل على nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك كان عليه قميص دنس، وجبة دنسة، وقلنسوة لاطية دنسة على حمار إكافه خشب، فلما رآه قال: مرحبا مرحبا، ههنا ههنا، فرفعه حتى مست ركبته ركبته، وعنده أشراف الناس يتحدثون فسكتوا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي: كان عطاء عبدا أسود كأن أنفه باقلات، قال: وجاء nindex.php?page=showalam&ids=16044سليمان بن عبد الملك إليه هو وابناه، فجلسوا إليه وهو يصلي، فلما صلى انفتل عليهم، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج، وقد حول قفاه إليهم، ثم قال سليمان لابنيه: قوما، فقاما، فقال: يا بني لا تنيا في طلب العلم؛ فإني لا أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد الأسود .
وقال أبو العالية: كنت آتي ابن عباس وهو على سريره، وحوله قريش، فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير، فتغامز في قريش، ففطن لهم ابن عباس، فقال: كذا هذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الأسرة .
وكان محمد بن عبد الرحمن الأوقص عنقه داخل في بدنه، وكان منكباه خارجين كأنهما زجان، فقالت أمه: يا بني لا تكون في مجلس إلا كنت المضحوك المسخور به، فعليك بطلب العلم، فإنه يرفعك، فولي قضاء مكة عشرين سنة، وكان الخصم إذا جلس بين يديه يرعد حتى يقوم .
الخامس: (وقال عليه السلام: خصلتان لا يكونان) وفي رواية: لا يجتمعان (في منافق: حسن سمت) .
قال ابن الأثير: أي: حسن الهيئة والمنظر في الدين، وفي الفائق: حسن السمت أخذ التهجد ولزوم المحجة، ثم قيل لكل طريقة ينتحيها الإنسان في تحري الخير والتزيي في زي الخير: سمت .
وإليه أشار المصنف بقوله: (ولا تشكن في) هذا (الحديث؛ لنفاق بعض فقهاء الزمان) من علماء الدنيا; فإنهم يبطنون من الحب والميل للدنيا والرياسة والجاه خلاف ما يظهرون من الزهد وشعار الورع (فإنه ما أراد الفقه الذي ظننته) بل ما ذكرناه .
وقال السيوطي: ليس المراد أن واحدة منهما قد تحصل في المنافق دون الأخرى، بل هو تحريض للمؤمن على اتصافه بهما معا، والاجتناب عن ضدهما، فإن المنافق من يكون عاريا عنهما، وهذا من باب التغليظ. اهـ .
قال العراقي: أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وقال: حديث غريب. اهـ .
قلت: قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: حدثنا أبو كريب، حدثنا خلف بن أيوب، عن عوف، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره، ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث عوف إلا [ ص: 73 ] من هذا الشيخ خلف بن أيوب العامري، ولم أر أحدا يروي عنه غير أبي كريب محمد بن العلاء، ولا أدري كيف هو. اهـ .
ولذلك قال غير واحد: إن إسناده ضعيف، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد من رواية محمد بن حمزة بن عبد الله بن سلام مرسلا، ولفظه: لا يكونان، كما في سياق المصنف .
(وسيأتي) بيان (معنى الفقه، وأدنى درجات الفقيه أن تكون الآخرة عنده خيرا من الدنيا، وهذه المعرفة إذا صدقت وغلبت تبرأ بها من النفاق والرياء) .
السادس: (وقال عليه السلام: "الإيمان عريان، ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وثمرته العلم") أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في تاريخ نيسابور عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء بإسناد ضعيف، قاله العراقي.
قلت: هو في كتاب القوت لأبي طالب عن nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه، قال: وقد أسنده حمزة الخراساني عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، فرفعه إلى عبيد الله، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وقد رويناه أيضا مسندا. اهـ .
وأورده nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب في الذريعة من غير إسناد، وكذا عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري في كتابه نزهة المجالس، عن وهب هكذا، إلا أنه ذكر بدل الجملة الثالثة "ورأس ماله الفقه" .
قلت: وحمزة الخراساني الذي روى عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري إن كان هو حمزة بن بهرام فقد قال الذهبي في ذيل الديوان: إنه مجهول لا يعرف، ثم رأيت الشهاب الأبوصيري أورد في كتابه إتحاف المهرة، عن مسدد في مسنده: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثنا عبد العزيز بن ربيع، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه يقول: "الإيمان عريان، ولباسه التقوى" .
السابع: (وقال عليه السلام: "أفضل الناس المؤمن العالم، الذي إن احتيج إليه نفع، وإن استغني عنه أغنى نفسه") أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في شعب الإيمان موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء بإسناد ضعيف، ولم أره مرفوعا، قاله العراقي.
وفي القوت: إنما العالم عندهم الغني بعلمه لا بعلم غيره، وكان الفقيه فيهم هو الفقيه بفقه علم، وقلبه لا يحدث سواه، كما جاء في الأثر "أي الناس أغنى؟ قال: العالم الغني بعلمه، إن احتيج إليه نفع، وإلا اكتفى عن الناس بعلمه" لأن كل عالم بعلم غيره فإنما صار عالما بمجموعه، فمجموعه هم العلماء، وكل فاضل بوصف سواه فموصوفه هم الفضلاء، فإذا تركهم وانفرد سكت، فلم يرجع إلى علم لنفسه يختص به، فصار في الحقيقة موصوفا بالجهل، واصفا لطريق أهل الفضل، موسوما بعلم السمع والنقل، ولا حال له ولا مقام. اهـ .
وفي معناه ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في تاريخه، عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر: "وأفضل المؤمنين إيمانا الذي إذا سئل أعطى، وإذا لم يعط استغنى" وسنده ضعيف أيضا .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية من رواية محمد بن قدامة، قال: وسمعت nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة يقول: قال لقمان: "خير الناس الحيي العيي" قيل: العيي من المال قال: ... الذي إذا احتيج إليه نفع، وإذا استغني عنه قنع. قيل: فمن شر الناس؟ قال: من لا يبالي أن يراه الناس مسيئا .
الثامن: (وقال عليه السلام: "أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم وأهل الجهاد، أما أهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل، وأما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل") أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في فضل العالم العفيف، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بإسناد ضعيف، قاله العراقي .
وأورده صاحب القوت فقال: وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16345عبد الرحمن بن غنم، عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل، رفعه، فذكره، ويروى: "إن أقرب الناس" ثم قال: "ألا تراه كيف جعل العلم دالا على الله تعالى كالجهاد" أخرجه ابن القيم هكذا، فجعله من قول إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة.
التاسع: (وقال عليه السلام: nindex.php?page=hadith&LINKID=931088 " لموت قبيلة أيسر من موت عالم") أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء، وأصل الحديث عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود، قاله العراقي.
قلت: الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ورفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=931088 " موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، وموت قبيلة أيسر من موت عالم، وهو نجم طمس" أورده nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي في المقاصد، وله شواهد منها ما أورده nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار في الوقفيات عن محمد بن سلام الجمحي، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب من قوله: "إذا مات العالم أثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة" وهو معضل .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث عطاء، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، في قوله تعالى: ننقصها من أطرافها قال: بموت علمائها وفقهائها. اهـ .
قلت: وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى في مسنده من طريق عثمان بن أعين، عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء بمثل ما قدمناه عن nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني، وفيه زيادة، ولكن في الإسناد رجل لم يسم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي في المقاصد: nindex.php?page=showalam&ids=3ولأبي هريرة في المرفوع حديث آخر، لفظه: "الناس معادن في الخير والشر، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14724الطيالسي، nindex.php?page=showalam&ids=12289وابن منيع، والحارث بن أبي أسامة، وغيرهم، nindex.php?page=showalam&ids=13933كالبيهقي من حديث ابن عون، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وأصله في الصحيح، وللديلمي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا: "الناس معادن والعرق دساس". اهـ .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وفيه: "وأدب السوء كعرق السوء" وفقهوا بكسر القاف وبضمها، يقال: فقه كعلم زنة ومعنى، وككرم: صار فقيها، وسيأتي الزيادة لبيانه في أول الباب السادس .