إن أردت حسن العشرة فالق صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم وتوقير من غير كبر وتواضع من غير مذلة .
وكن في جميع أمورك في أوسطها فكلا طرفي قصد الأمور ذميم .
ولا تنظر في عطفيك ولا تكثر الالتفات ولا تقف على الجماعات وإذا جلست فلا تستوفز وتحفظ من تشبيك أصابعك والعبث بلحيتك وخاتمك وتخليل أسنانك وإدخال أصبعك في أنفك وكثرة بصاقك وتنخمك وطرد الذباب من وجهك وكثرة التمطي والتثاؤب في وجوه الناس وفي الصلاة وغيرهما .
(خاتمة هذا الباب
نذكر فيه جملا من آداب المعيشة والمجالسة مع أصناف الخلق) على اختلاف مراتبهم (ملتقطة من كلام بعض الحكماء) وذلك بطريق الإجمال قالوا: (إن أردت حسن المعيشة) مع الناس (فالق صديقك وعدوك بحسن الرجاء من غير ذلة لهم) أي: من غير أن تذل لهم (ولا هيبة منهم) أي: لا تهابهم ففي الخير لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه (وتوقر) أي: تعظم (من غير كبر) عليهم (وتواضع) لهم (في غير مذلة) نفس (وكن في جميع أمورك في أوسطها) فإنهم خير الأمور (فكلا طرفي القصد ذميم) قال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن عبد الله: خير الأمور أوسطها. أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في التفسير .
وأخرج العسكري من طريق معاوية بن صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قال: ما من أمر أمر الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين لا يبالي أيهما أصاب الغلو أو التقصير.
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى بسند رجاله ثقات عن nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قال: إن لكل شيء طرفين ووسطا، فإذا أمسك بأحد الطرفين مال الآخر وإذا أمسك بالوسط اعتدل الطرفين فعليكم بالأوساط. وأنشد بعضهم:
عليك بأوساط الأمور فإنها نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا
وقال الآخر:
حب التناهي غلط خير الأمور الوسط
(ولا تنظر في عطفيك) فإنه علامة العجب (ولا تكثر الالتفات) فإنه علامة الحمق (ولا تقف على الجماعات) وهم جلوس ولكن اجلس معهم (وإذا جلست فلا تستوفز) أي: لا تجلس منصبا غير مطمئن (وتحفظ من تشبيك أصابعك) فإنه قد نهي عنه وكذا عن التفرقع (والعبث بلحيتك وخاتمك) فإنه من علامة الحمق وقد نهي عنه (وتخليل أسنانك) فإنه مما تتقذره الطباع (وإدخال أصبعك في أنفك) أو أذنك فكل ذلك فيه تقذير إلا إن احتيج إليه فمرة واحدة (وكثرة بصاقك وتنخمك) فإن ذلك مما تنبو عنه الطباع (وطرد الذباب من وجهك) بمذبة أو بيدك فإنه يدل على خفة العقل .