(فنسخ بشريعته) الواضحة السهلة الغراء (الشرائع) المتقدمة كلها (إلا ما قرره منها) والنسخ رفع الحكم الشرعي بخطاب (وفضله على سائر الأنبياء) بأنواع من الفضائل؛ لخصوصية فضله بها في ذاته، بها ارتفع كمالا فوق المراتب الكمالية إنسانية كانت أو ملكية، قال الله تعالى: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ، ذلك البعض هو الحقيقة المحمدية، إذ هو أول نور تلقي من حضرة الوجوب، بل لا متلقى على الحقيقة إلا هو، فكان له -صلى الله عليه وسلم- حيثيتان: حيثية ابتدائية، وبها حصل الكمال الاختصاصي المتوحد، وحيثية انتهائية، وبها حصل الكمال المتكثر الذي انقسم على الحقائق النبوية، وله عليه السلام منه الحظ الأوفر الجامع بين كمالاته كلها، فمن حيث الكمال الاختصاصي كان رسولا لجميع العالم، ومن حيث كماله الجماعي الاشتراكي كان رسولا للجن والإنس، فاعلم من ذلك رسالته -صلى الله عليه وسلم- العامة منه والخاصة، وكماله الخصوصي المتحد، وكماله العلمي المشترك، أوليته وآخريته .