وقد اعتزل نبينا صلى الله عليه وسلم قريشا لما آذوه وجفوه ودخل الشعب وأمر أصحابه باعتزالهم والهجرة إلى أرض الحبشة ثم تلاحقوا به إلى المدينة بعد أن أعلى الله كلمته وهذا أيضا اعتزال عن الكفار بعد اليأس منهم فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعتزل المسلمين ولا من توقع إسلامه من الكفار وأهل الكهف لم يعتزل بعضهم بعضا وهم مؤمنون وإنما اعتزلوا الكفار وإنما النظر في العزلة من المسلمين .
(وقد اعتزل نبينا -صلى الله عليه وسلم- قريشا) وهم بنو فهر (لما آذوه وجفوه) وإليه أشار nindex.php?page=showalam&ids=13919البوصيري في همزيته:
ويح قوم جفوا نبيا بأرض ألفته ضبابها والظباء
(ودخل الشعب) في أعلى مكة المعروف بشعب أبي طالب (وأمر أصحابه) ممن آمن به وصدقه (باعتزالهم) [ ص: 339 ] عن مجالستهم ممن لم يقدر على الهجرة، ومن قدر منهم أمره (بالهجرة إلى أرض الحبشة) ؛ إذ بلغهم أن ملكها ممن يحبه فهاجروا (ثم تلاحقوا به إلى المدينة) المشرفة (بعد أن أعلى الله كلمته) وأعز دينه، قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة في المغازي ومن طريقه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الدلائل عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب مرسلا، ورواه ابن سعد في الطبقات من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن ابن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هاشم مرسلا أيضا، ووصله من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ذكر أن المشركين حصروا بني هاشم في الشعب، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة أن أبي طالب جمع بني عبد المطلب وأمرهم أن يدخلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شعبهم. ومغازي nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة أصح المغازي، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة أيضا أنه أمر أصحابه حين دخل الشعب بالهجرة إلى أرض الحبشة.
(وهذا اعتزال عن الكفار عند اليأس منهم) أي: من إيمانهم (فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يعتزل المسلمين ولا من توقع إسلامه من الكفار) بل كان يخالطهم (وأهل الكهف لم يعتزل بعضهم بعضا وهم يؤمنون إنما اعتزلوا الكفار) خيفة الضرر على أنفسهم (وإنما النظر في العزلة من المسلمين) ولم تثبت .