ويجيب دعوة العبد والحر ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ، أو فخذ أرنب ويكافئ عليها ويأكلها ولا يأكل الصدقة ولا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين يغضب لربه ، ولا يغضب لنفسه وينفذ الحق وإن عاد ذلك عليه بالضرر أو على ، أصحابه عرض عليه الانتصار بالمشركين على المشركين ، وهو في قلة وحاجة إلى إنسان واحد يزيده في عدد من معه فأبى ، وقال أنا لا أنتصر بمشرك ووجد من فضلاء أصحابه وخيارهم قتيلا بين اليهود فلم يحف عليهم ، ولا زاد على مر الحق بل وداه بمائة ناقة ، وإن بأصحابه لحاجة إلى بعير واحد يتقوون به وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع ومرة يأكل ما حضر ولا يرد ما وجد ولا يتورع عن مطعم حلال وإن وجد تمرا دون خبز أكله وإن وجد شواء أكله " وإن وجد خبز بر أو شعير أكله وإن وجد حلوا أو عسلا أكله وإن وجد لبنا دون خبز اكتفى به وإن وجد بطيخا أو رطبا أكله لا يأكل متكئا ولا على خوان منديله باطن قدميه لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام متوالية حتى لقي الله تعالى إيثارا على نفسه ، لا فقرا ولا بخلا يجيب الوليمة .
(و) كان - صلى الله عليه وسلم- (يجيب دعوة العبد والحر) .
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس " nindex.php?page=hadith&LINKID=678800كان يجيب دعوة المملوك" ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : صحيح الإسناد ، قلت: بل ضعيفه ، nindex.php?page=showalam&ids=14269وللدارقطني في غرائب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب في أسماء رواة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=652380 "كان يجيب دعوة العبد إلى أي طعام ، ويقول: لو دعيت إلى كراع لأجبت"، وهذا بعمومه دال على إجابة دعوة الحر ، وهذه القطعة الأخيرة عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وقد تقدم ، وروى ابن سعد من رواية حمزة بن عبد الله بن عتبة "كان لا يدعوه أحمر ، ولا أسود من الناس إلا أجابه"، الحديث ، وهو مرسل اهـ .
(و) كان - صلى الله عليه وسلم- (يقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن، أو فخذ أرنب ويكافئ عليها) .
قلت: والذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من جهة قبول الهدية والإثابة عليها رواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في السنن ، وفي الشمائل ، ومعنى يثيب عليها : أي يجازي عليها ; فيسن التأسي به - صلى الله عليه وسلم- ، ولكن محل ندب القبول حيث لا شبهة قوية فيها، وندب الإثابة حيث لم يظن المهدى إليه أن المهدي إنما أهدى له حياء لا في مقابل ، فأما إذا ظن أن الباعث عليه إنما هو الإثابة فلا يجوز له إلا إن أثابه بقدر ما في ظنه ، مما تدل عليه قرائن حاله ، وقد تقدم البحث في ذلك في باب هدايا الأمراء .
(و) كان - صلى الله عليه وسلم- (يأكلها) ، أي الهدية (ولا يأكل الصدقة) رواه الشيخان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وقد تقدم .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث سلمان ، ورواه ابن سعد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، (و) كان - صلى الله عليه وسلم- (لا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين) ، هكذا في النسخ ، ونسخة العراقي : لا يستكبر أن يمشي مع المسكين .
وقال: رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى بسند صحيح، وقد تقدم في الباب الثاني من آداب الصحبة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وقال : صحيح على شرط الشيخين اهـ .
[ ص: 100 ] (و) كان - صلى الله عليه وسلم- (يغضب لربه عز وجل ، ولا يغضب لنفسه) ، قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الشمائل في حديث هند بن أبي هالة ، وفيه كان لا تغضبه الدنيا ، وما كان منها ، فإذا تعدى الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ، ولا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، وفيه من لم يسم اهـ .
قلت: ومعناه لا تغضبه العوارض المتعلقة بها الناشئة عن غلبة الهوى والنفس ، واستيلاء الشيطان على القلب بتزيين زخارفها الزائلة الفانية عنده ، حتى يؤثرها على الكمالات الباقية ، وكيف تغضبه وهو ما كان خلق لها ، أي للتمتع بلذاتها الزائلة وشهواتها ، وقوله: "لم يقم لغضبه" ، أي لم يقاومه شيء; لأنه إنما يغضب للحق وهو لا قدرة للباطل على مقاومته ، وقوله : "لا ينتصر لها" ، أي لأنه ليس فيه حظ من حظوظها وشهواتها ، وإنما تمحصت حظوظه وأغراضه وإرادته لله ، فهو قائم بها متمثل لما أمره به فيها .
(وينفذ الحق وإن عاد ذلك بالضرر ، وعليه وعلى أصحابه) ، وأشار به إلى قصة أبي جندل ابن سهيل بن عمر ، وهي عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في قصة الحديبية ، وذكرها في الشروط مطولة ، كذا وجد بخط الحافظ ابن حجر في طرة كتاب شيخه ، وقد أغفله العراقي : (عرض عليه) -صلى الله عليه وسلم- (الانتصار بالمشركين على المشركين ، وهو في قلة وحاجة إلى إنسان واحد يزيده في عدد من معه فأبى، وقال: إنا لا ننتصر بمشرك) ، وفي نسخة : إنا لا ننتصر بالمشركين ، أو قال بمشرك .
(ووجد من فضلاء أصحابه وخيارهم قتيلا بين اليهود فلم يحف) ، أي لم يجر (عليهم ، ولا زاد على مر الحق) ، أي لم يتجاوز عن الحق الذي هو مر ، (بل وداه) ، أي القتيل من عنده (بمائة ناقة ، وإن بأصحابه لحاجة إلى بعير واحد يتقوون به) .
قال العراقي : متفق عليه من حديث سهل بن أبي حثمة ، nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج ، والرجل الذي وجد مقتولا هو عبد الله بن سهل الأنصاري .
وأما في غير حالة المواصلة فلم يرد فيه ذلك ، فوجب الجمع بين الأحاديث بحمل الأحاديث الناصبة على جوعه على غير حالة المواصلة ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا أصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- جوع يوما فعمد إلى حجر فوضعه على بطنه ، ثم قال : " ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة" . الحديث .
وفي الصحيح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=653792 "إنا يوم الخندق نحفر ، فعرضت كدية فقالو للنبي -صلى الله عليه وسلم- هذه كدية عرضت في الخندق ، فقام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام [ ص: 101 ] لا نذوق ذواقا" الحديث، وقد رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، فقد علم بما تقرر أن الصواب صحة الأحاديث وقد رد nindex.php?page=showalam&ids=14679الضياء المقدسي قول nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان المتقدم في رسالة عد فيها أوهامه ، وعد ذلك من جملتها، وحكمة شد الحجر أنه يسكن بعض ألم الجوع؛ لأن البطن إذا خلا ضعف صاحبه عن القيام بتقوس ظهره ، فاحتيج لربط الحجر لشده وإقامة صلبه ، ومما أكرم الله تعالى به نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنه مع تألمه بالجوع ليضاعف له الأجر حفظ قوته ، ونضارة جسمه; حتى إنه من رآه لا يظن به جوعا ، بل كان جسمه الشريف مع ذلك يرى أشد نضارة ورونقا من أجسام المترفهين بنعيم الدنيا ، (يأكل ما حضر) لديه ، (ولا يرد ما وجد) .
وفي كتاب الشمائل لأبي الحسن بن الضحاك بن المقري من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "ما أبالي ما رددت به عني الجوع " وهذا معضل قاله العراقي .
قلت: وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي كذلك (ولا يتورع من مطعم حلال) ففي nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ قالت: " دخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: أعندك شيء؟ قلت: لا إلا خبز يابس وخل ، فقال هات "، الحديث، nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=660832أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل أهله الأدم، فقالوا: ما عندنا إلا خل فدعا به " الحديث .
nindex.php?page=showalam&ids=13948وللترمذي وصححه ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "كان أكثر خبزهم الشعير" ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الشمائل : nindex.php?page=hadith&LINKID=907238 "كان يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة (وإن وجد حلوا أو عسلا أكله) وروى الشيخان والأربعة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=655011 "كان يحب الحلو والعسل" ، والحلواء يمد ويقصر: كل ما فيه حلاوة ، فالعسل تخصيص بعد تعميم، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : الحلواء يختص بما دخلته الصنعة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : هي ما عولج من الطعام بحلو ، وقد تطلق على الفاكهة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13967الثعالبي في فقه اللغة: "إن حلواءه -صلى الله عليه وسلم- التي كان يحبها هي المجيع، وهي تمر يعجن بلبن" وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: لم تكن محبته -صلى الله عليه وسلم- للحلواء على معنى كثرة التشهي لها وشدة نزع النفس ، وإنما كان ينال منها إذا حضرت نيلا صالحا ، فيعلم بذلك أنها تعجبه .
تقدم في الباب الأول من كتاب آداب الأكل ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وكان لا يأكل متكئا ، ولا يطأ عقبه رجلان ، (ولا يأكل على خوان) ، تقدم أيضا في الباب المذكور ، وهو بالكسر ويضم: المائدة عليها طعام ، معرب ، يعتاد بعض المترفهين والمتكبرين الأكل عليه ; احترازا عن خفض رؤوسهم ، فالأكل عليه بدعة ، لكنها جائزة (منديله باطن قدمه) .