بيان عفوه صلى الله عليه وسلم مع القدرة كان صلى الله عليه وسلم أحلم الناس وأرغبهم في العفو مع القدرة حتى أتي بقلائد من ذهب وفضة فقسمها بين أصحابه فقام رجل من أهل البادية فقال : يا محمد ، والله لئن أمرك الله أن تعدل فما أراك تعدل فقال ويحك فمن يعدل عليك بعدي فلما ولى قال : ردوه علي رويدا وروى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبض للناس يوم خيبر من فضة في ثوب بلال فقال له رجل : يا رسول الله اعدل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل ، فقد خبت إذا وخسرت إن كنت لا أعدل فقام عمر فقال : ألا أضرب عنقه ، فإنه منافق ، فقال : معاذ الله ، أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال : من يمنعك مني فقال الله فقال فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف وقال : من يمنعك مني فقال : كن خير آخذ . قال : قل أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال : لا غير أني لا أقاتلك ولا أكون معك .
(و) كان (أرغبهم في العفو مع القدرة) ، على الانتقام، (حتى أتي بقلائد من ذهب وفضة) أي القلائد المصنوعة منهما وهو الحلي، (فقسمها بين أصحابه) بما أراه الله تعالى (فقام رجل من أهل البادية) أي من الأعراب الجفاة، (فقال: يا محمد، والله لئن أمرك الله أن تعدل) في القسمة، (فما أراك تعدل) حيث أعطى بعضا وترك بعضا، أو أكثر لبعض وأقل لآخرين (فقال) صلى الله عليه وسلم: (ويحك فمن يعدل عليك بعدي فلما ولى) الأعرابي (قال: ردوه علي رويدا) أي: من غير استعجال فحلم عليه، وعفا عنه مع غلظة كلامه، وأمر برده على إمهال لئلا يرتاع، قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بإسناد جيد اهـ .
قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث ابن عمرو ، وفيه [ ص: 135 ] زيادة في آخره، (وروى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ) بن عبد الله ـ رضي الله عنه- (أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقبض) مبنيا للفاعل أي يعطي ،وفي بعض النسخ، كان يفيض من الإفاضة، (للناس يوم حنين من فضة في ثوب بلال فقال له رجل : يا نبي الله، اعدل، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل، فقد خبت إذا وخسرت إن كنت لا أعدل فقام عمر) ـ رضي الله عنه ـ (فقال: ألا أضرب عنقه، فإنه منافق، فقال: معاذ الله، أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي) . رواه مسلم في صحيحه قاله العراقي .
قلت: ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير بزيادة: إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية .
(وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حرب فرأوا من المسلمين غرة) أي غفلة، (فجاء رجل) منهم (حتى قام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم) وهو قائل تحت شجرة، في قائلة وسيفه معلق بها، وقد تفرق عنه أصحابه (بالسيف) أي: بسيفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان معلقا بالشجرة فاخترطه، وانتبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من نومه فرآه واقفا على رأسه وبيده السيف .
(فقال: من يمنعك مني) أي: أنا قاتلك به الآن (فقال) ـ صلى الله عليه وسلم ـ (الله) ـ عز وجل ـ يمنعني منك (قال) الراوي: (فسقط السيف من يده) واندهش في نفسه (فأخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- السيف) من الأرض، (وقال: من يمنعك) الآن (فقال: كن خير آخذ . قال: قل أشهد أن لا إله إلا الله فقال: لا) أقول ذلك، (غير أني لا أقاتلك ولا أكون معك) أي: في نصرتك (ولا أكون مع قوم يقاتلونك) ، أي: لا أكون عونا لك، ولا عليك (فخلى سبيله) أي تركه حتى ذهب (فجاء إلى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس) .
قال العراقي : متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بنحوه ، وهو في مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أقرب إلى لفظ المصنف، وسمى الرجل غورث بن الحارث اهـ .
وأما المعلقة، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عقب هذه قال أبان: حدثنا يحيى عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال: كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع فذكر الحديث بمعناه، وفيه: إن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- تهددوه ، وليس فيه تسمية أيضا، وأما المختصرة، فقال: قال مسدد عن nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة، عن أبي بشر : اسم الرجل، غورث بن الحارث.
قال صاحب سلاح المؤمن : اسم هذه اليهودية: زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=1054بشر بن البراء بن معرور، ممن أكل من الشاة، فمات منها، وذلك عام خيبر، قال: وقوى شيخنا nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي القول بأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- قتل اليهودية به .
(وسحره) صلى الله عليه وسلم (رجل من [ ص: 136 ] اليهود ، فأخبره جبريل ) عليه السلام (بذلك حتى استخرجه) ، من بئر ذروان ، (وحل عقده ، فوجد لذلك خفة ، ولا ذكر ذلك لليهودي ، ولا أظهره عليه قط) ، قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، بإسناد صحيح ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ، وقصة سحره في الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بلفظ آخر ، اهـ .
قلت : اسم ذلك اليهودي : لبيد بن الأعصم ، وقد روي حديث سحره من طرق ، وتقدم بعضها في كتاب العلم .
أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ، فأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ، في مسنده ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=670273 "سحر النبي صلى الله عليه وسلم-رجل من اليهود ، فاشتكى ، فأتاه جبريل ، فنزل عليه بالمعوذتين ، وقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، والسحر في بئر فلان ، فأرسل عليا ، فجاء به ، فأمره أن يحل العقد ، ويقرأ آية فجعل يقرأ ويحل حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم - كأنما نشط من عقال " .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نحوه ، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مختصرا ، (وقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه - بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنا nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير والمقداد) بن الأسود (فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ) ، موضع بين الحرمين (فإن بها ظعينة) في المصباح يقال : للمرأة ظعينة ، فعيلة : بمعنى مفعولة ، لأن زوجها يظعن بها ، أي يرتحل ، ويقال : الظعينة : الهودج سواء كان فيه امرأة ، أم لا ، ويقال : الظعينة في الأصل : وصف للمرأة في هودجها ، ثم سميت بهذا الاسم ، إن كانت في بيتها ؛ لأنها تصير مظعونة ، وهي هنا امرأة من مزينة ، قال ابن إسحاق : بلغني أنها كانت مولاة لبني عبد المطلب ، وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ، ثم فتلت عليه قرنها ، وخرجت به (معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا) تعادي بنا خيلنا (حتى أتينا روضة خاخ ) ، فإذا نحن بها ، (فقلنا : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجن الكتاب ، أو لتنزعن الثياب ، فأخرجته من عقاصها) ، أي من شعرها المعقوص ، وفي رواية من حجزتها .
(فأتينا به) أي بالكتاب (النبي صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة ) واسم أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي ، وكان حاطب حليف بني أسد بن عبد العزى ، (إلى أناس من المشركين) بمكة (يخبرهم أمرا من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم -) أي ببعض أمره بتجهيزه إليهم ، (فقال : يا حاطب ، ما هذا ؟ فقال : يا رسول الله ، لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قومي) ، أي لكونه من بني لخم ، وأنا حالف ببني أسد ، (وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهلهم ، فأحببت إذ فاتني ذلك منهم من النسب أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي) ، ولا يؤذونهم (ولم أفعل ذلك كفرا ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، ولا ارتدادا عن ديني ، فقال رسول الله صدقكم حاطب ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ) رضي الله عنه : (دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنه شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله عز وجل - قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم ) ، قال العراقي : متفق عليه اهـ .