(و) من معجزاته صلى الله عليه وسلم أن (نبع الماء) الطهور (من بين أصابعه) وهو أشرف المياه ، قال القرطبي : قصة نبع الماء من بين أصابعه قد تكررت منه صلى الله عليه وسلم في عدة مواطن ، في مشاهد عظيمة ، ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي ، ولم يسمع بمثل هذه المعجزة من غير نبينا صلى الله عليه وسلم - حيث نبع من بين عظمه وعصبه ، ولحمه ودمه ، وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن المزني ، أنه قال : "نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة ، من نبع الماء من الحجر ، حيث ضربه موسى بالعصا فتفجرت منه المياه ؛ لأن خروج الماء من الحجارة معهود ، بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم . اهـ .
(فشرب أهل العسكر كلهم وهم عطاش) ، روى nindex.php?page=showalam&ids=13260ابن شاهين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، فقال المسلمون : يا رسول الله ، عطشت دوابنا وإبلنا ، فقال : هل من فضلة ماء ؟ فجاء رجل في شن بشيء فقال : هاتوا صحفة فصب الماء ، ثم وضع راحته في الماء ، قال : فرأيتها تخلل عيونا بين أصابعه ، قال : فسقينا إبلنا ودوابنا ، وتزودنا فقال : اكتفيتم ، فقالوا : نعم ، اكتفينا يا رسول الله ، فرفع يده فارتفع الماء " .
اعلم أن ظاهر هذه الروايات دل على أن الماء كان ينبع من بين أصابعه بالنسبة إلى رؤية الرائي ، وهو في نفس الأمر للبركة الحاصلة فيه يفور ويكثر ، وكفه صلى الله عليه وسلم في الإناء ، فيراه الرائي نابعا من بين يديه ، وظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي أنه ينبع من نفس اللحم ، الكائن في الأصابع ، وبه صرح النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وهو الصحيح ، وكلاهما معجزة له صلى الله عليه وسلم ، وإنما فعل ذلك ، ولم يخرجه من غير ملامسة ماء ولا وضع إناء تأدبا مع الله تعالى ، إذ هو المنفرد بإبداع المعدومات وإيجادها من غير أصل ، والله أعلم .