وأن الحسن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين عظيمتين وأخبر صلى الله عليه وسلم عن رجل قاتل في سبيل الله أنه من أهل النار ، فظهر ذلك بأن ذلك الرجل قتل نفسه وهذه كلها أشياء إلهية لا تعرف البتة بشيء من وجوه تقدمت المعرفة بها لا بنجوم ولا بكشف ولا بخط ولا بزجر لكن بإعلام الله تعالى له ووحيه إليه واتبعه سراقة بن مالك فساخت قدما فرسه في الأرض وأتبعه دخان حتى استغاثه فدعا له فانطلق الفرس وأنذره بأن سيوضع في ذراعيه سوارا كسرى فكان كذلك .
(و) من جملة ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر (أن) ابنه (الحسن) أبا محمد عليه السلام (يصلح الله به) أي بسبب عزله لنفسه عن الخلافة (بين فئتين عظيمتين من المسلمين) ، وكان كذلك فإنه رضي الله عنه - لما بويع له بعد أبيه ، وصار هو الإمام الحق مدة أشهر تكملة للثلاثين سنة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم - أنها مدة الخلافة ، وبعده يكون ملكا عضوضا ، ثم سار إلى nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بأربعين ألفا بايعوه على الموت ، فلما تراءى الجمعان على أنه لا يغلب أحدهما حتى يقتل الفريق الآخر ، فنزل له عن الخلافة ، لا لقلة ولا لذلة ، بل رحمة للأمة ، واشترط على nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية شروطا التزمها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال وغيره ، ولم يوف له بشيء منها ، وصار nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية من يومئذ خليفة ، ولما خيف من طول عمر الحسن ، أرسل يزيد إلى زوجته جعدة : إن هي سمته تزوجها ، ففعلت ، فأرسلت تستخبر فقال : إنا لم نرضك له فنرضاك لنا ، وفيه منقبة للحسن رضي الله عنه - ورد على الخوارج الزاعمين كفر nindex.php?page=showalam&ids=8علي وشيعته ، ومعاوية ومن معه ؛ لقوله من المسلمين .
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة اهـ .
(و) من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم (أخبر عن رجل قاتل في سبيل الله أنه من أهل النار ، فظهر ذلك بأن قتل ذلك الرجل نفسه) قال العراقي : متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد اهـ .
قلت : أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن أبي اليمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب بن أبي حمزة عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : تابعه nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ومن ذلك الوجه ، وقال يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري حنين ، وفي آخر هذا الحديث كالدلالة على أن الرجل استحل قتل نفسه ، أو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم - منه نفاقا .
(وهذه كلها أشياء لا تعرف البتة بشيء من وجوه تقدمت المعرفة بها لا بنجوم ولا بكتف ولا بخط ولا بزجر) كما كانت أهل الجاهلية تفعله ، فكان بعضهم ينظر في النجوم ، وما في أحكامها من التسديس ، والتثليث ، والتربيع ، والمقابلة ، ومنهم من ينظر في الكتف فيخبر عن حوادث كونية ، ومنهم من يخط على الرمل خطوطا فيخبر به عن غائب ، ومنهم من يزجر الطيور والسوانح والبوارح ، فيخبر بها عن أمور ستقع ، وكل ذلك حرمها الشارع وأبطل الاشتغال بها ، (لكن بإعلام الله تعالى له) ، وتعريفه إياه ، (ووحيه إليه و) من معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه (اتبعه) حال مهاجرته إلى المدينة (سراقة) بن مالك (بن جعشم) بن مالك بن عمرو بن تيم بن مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة الكناني المدلجي ، وقد ينسب إلى جده كما عند المصنف يكنى أبا سفيان كان ينزل قديدا (فساخت) أي غارت (قدما فرسه في الأرض وأتبعه دخان) ، أي : غبار من الأرض ، أي : مع يبوسة الأرض ولا تسوخ قوائم الفرس في العادة إلا إذا كانت الأرض ندية (حتى استغاثه) وأن لا يدل عليه (فدعا له فانطلقت الفرس) وكتب له أمانا وأسلم يوم الفتح .
قال العراقي : متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق اهـ .
قلت : وروى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذه القصة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، وفي هذه القصة يقول سراقة مخاطبا لأبي جهل :
أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه
(وأنذره) صلى الله عليه وسلم (بأن سيوضع في ذراعيه سوارا كسرى فكان ذلك) رواه nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن إسرائيل أبي موسى عن الحسن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة بن مالك : كيف بك إذا لبست سواري كسرى ؟ قال : فلما أتي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بسواري كسرى ، ومنطقته وتاجه دعا سراقة فألبسه ، وكان رجلا أذب كثير شعر الساعدين ، فقال له : ارفع يديك ، وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز ، وألبسهما سراقة الأعرابي .
روى ذلك عنه ابن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم ، وروى عنه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجابر nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : مات سراقة في خلافة عثمان ، سنة أربع وعشرين .