واللعن عبارة عن الطرد والإبعاد من الله تعالى ، وذلك غير جائز إلا على من اتصف بصفة تبعده من الله عز وجل ، وهو الكفر والظلم ، بأن يقول : لعنة الله على الظالمين وعلى ، الكافرين ، وينبغي أن يتبع فيه لفظ الشرع ، فإن في اللعنة خطرا ؛ لأنه حكم على الله عز وجل بأنه قد أبعد الملعون وذلك غيب ، لا يطلع عليه غير الله تعالى ، ويطلع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ، أطلعه الله عليه .
; الأولى اللعن بالوصف الأعم كقولك : لعنة الله على الكافرين والمبتدعين والفسقة .
، الثانية: اللعن بأوصاف أخص منه كقولك : لعنة الله على اليهود والنصارى والمجوس وعلى القدرية والخوارج والروافض أو على الزناة والظلمة وآكلي الربا وكل ذلك جائز ولكن في لعن أوصاف المبتدعة خطر ; لأن معرفة البدعة غامضة ولم يرد فيه لفظ مأثور ، فينبغي أن يمنع منه العوام ; لأن ذلك يستدعي المعارضة بمثله ، ويثير نزاعا بين الناس وفسادا .
الثالثة اللعن للشخص المعين ، وهذا فيه خطر ، كقولك : زيد لعنه الله ، وهو كافر أو فاسق أو مبتدع والتفصيل .
فيه أن كل شخص ثبتت لعنته شرعا فتجوز لعنته ، كقولك : فرعون لعنه الله ، وأبو جهل لعنه الله ; لأنه قد ثبت أن هؤلاء ماتوا على الكفر ، وعرف ذلك شرعا وأما شخص بعينه في زماننا ، كقولك : زيد لعنه الله ، وهو يهودي مثلا ، فهذا فيه خطر ; فإنه ربما يسلم فيموت مقربا عند الله ، فكيف يحكم بكونه ملعونا .
فإن قلت : يلعن لكونه كافرا في الحال كما يقال للمسلم : رحمه الله ، لكونه مسلما في الحال ، وإن كان يتصور أن يرتد فاعلم أن معنى قولنا رحمه الله ، أي : ثبته الله على الإسلام الذي هو سبب الرحمة وعلى ، الطاعة ولا يمكن أن يقال : ثبت الله الكافر على ما هو سبب اللعنة فإن هذا سؤال للكفر ، وهو في نفسه كفر بل الجائز أن يقال : لعنه الله إن مات على الكفر ، ولا لعنه الله إن مات على الإسلام ، وذلك غيب لا يدرى والمطلق متردد بين الجهتين ففيه خطر ، وليس في ترك اللعن خطر وإذا عرفت هذا في الكافر فهو في زيد الفاسق أو زيد المبتدع أولى ، فلعن الأعيان فيه خطر ; لأن الأعيان تتقلب في الأحوال إلا من أعلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه يجوز أن يعلم من يموت على الكفر ، ولذلك عين قوما باللعن ، فكان يقول في دعائه على قريش : اللهم عليك بأبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة . وذكر جماعة قتلوا على الكفر حتى إن من لم يعلم عاقبته كان يلعنه فنهى عنه ; إذ روي أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=653786كان يلعن الذين قتلوا أصحاب بئر معونة في قنوته شهرا ، فنزل قوله تعالى : ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون .
يعني أنهم ربما يسلمون ، فمن أين تعلم أنهم ملعونون .
( واللعن عبارة عن الطرد والإبعاد من الله تعالى ، وذلك غير جائز إلا على من اتصف بصفة تبعده عن الله تعالى، وهو الكفر والظلم، بأن يقول: لعنة الله على الظالمين، و) لعنة الله (على الكافرين، وينبغي أن يتبع فيه لفظ الشرع، فإن في اللعنة خطرا؛ لأنه حكم على الله عز وجل بأنه قد أبعد الملعون) عن حضرته، وطرده عن عموم رحمته، (وذلك) أمر (غيب، لا يطلع عليه غير الله تعالى، ويطلع عليه رسوله صلى الله عليه وسلم، لو أطلعه الله عليه، والصفات المقتضية للعن ثلاثة ) أعظمها (الكفر) وهو الشرك بالله تعالى، (والبدعة) التي تضاد السنة المشروعة، (والفسق) وهو الخروج عن طاعة الله ورسوله بالظلم، وغيره من المعاصي، (وللعن في كل واحدة) من هؤلاء الثلاثة (ثلاث مراتب; الأولى اللعن بالوصف الأعم) ، وذلك مأذون فيه، (كقولك: لعنة الله على الكافرين) بالنظر إلى الكفر، (و) لعنة الله (على المبتدعين) بالنظر إلى البدعة، (و) لعنة الله (على الفسقة) بالنظر إلى الفسق، (الثانية اللعن بأوصاف) هي (أخص منه) أي: من الوصف الأعم، (كقوله: لعنة الله على اليهود والنصارى والمجوس) بالنظر إلى الكفر (و) لعنة الله (على القدرية ) وهم المعتزلة ( والخوارج ) وهم فرق شتى ( والروافض ) وهم كذلك فرق شتى، وهذا بالنظر إلى البدعة، (و) لعنة الله (على الزناة) من النساء والرجال، (والظلمة وآكلي الربا) ، وهذا بالنظر إلى الفسق، (وكل ذلك جائز مأذون) فيه، (ولكن في لعن أصناف المبتدعة خطر; لأن معرفة البدعة) أمر (غامض) خفي، (ولم يرد فيه لفظ مأثور، فينبغي أن يمنع منه العوام من الناس; لأن ذلك يستدعي المعارضة بمثله، ويثير) أي: يحرك (نزاعا بين الناس) ، فتنشأ من ذلك مفاسد عظيمة، (الثالثة اللعن للشخص المعين، وهذا فيه خطر، كقولك: زيد لعنه الله، وهو كافر أو فاسق أو مبتدع) ، وهذا قد اختلف فيه; (والتفصيل) الرافع للنزاع (فيه أن كل شخص ثبتت لعنته شرعا) إما في الكتاب أو في السنة، (فتجوز لعنته، كقولك: فرعون لعنه الله، وأبو جهل لعنه الله; لأنه قد ثبت أن هؤلاء قد ماتوا على الكفر، وعرف ذلك شرعا) ، ولو قال بدل فرعون : أبو لهب ، لكان أولى; إذ قد اختلف في إيمان فرعون ، فأثبته بعض المحققين، ونفاه آخرون، كما تقدم الكلام فيه [ ص: 486 ] فيما سبق، وأما أبو لهب ، وأبو جهل فمتفق على كفرهما وموتهما على الكفر، (أما شخص بعينه في زماننا، كقولك: زيد لعنه الله، وهو يهودي مثلا، فهذا فيه خطر; فإنه ربما يسلم فيموت مقربا عند الله تعالى، فكيف يحكم بكونه ملعونا) قال ابن حجر المكي : وهذا هو الأليق بقواعد أئمتنا؛ فإنهم صرحوا بأنه لا يجوز لعن شخص بخصوصه ; إلا إن علم موته على الكفر، كأبي جهل ، وأبي لهب ، وأما من لم يعلم منه ذلك، فلا يجوز لعنه، (فإن قلت: يلعن لكونه كافرا في الحال) أي: في حال اللعن، (كما يقال للمسلم: رحمه الله، لكونه مسلما في الحال، وإن كان يتصور فيه أن يرتد) عن دين الإسلام إلى دين الكفر، (فاعلم أن معنى قولنا) للمسلم (رحمه الله، أي: ثبته على الإسلام الذي هو سبب الرحمة، و) ثبته (على الطاعة) والانقياد لأوامر الله تعالى، فهو دعاء له بذلك، (ولا يمكن أن يقال: ثبت الله الكافر على ما هو سبب اللعنة) والطرد؛ (فإن هذا سؤال للكفر، وهو في نفسه كفر) ; إذ من يسأل الكفر لغيره كأنه يرضى له بذلك، والرضا بالكفر كفر، (بل الجائز أن يقال: لعنه الله إن مات على الكفر، ولا لعنه الله إن مات على الإسلام، وذلك غيب لا يدرى) ، ولا يدرك، (والمطلق متردد بين الجهتين) إما جهة الكفر، أو جهة الإسلام، (ففيه خطر، وليس في ترك اللعن خطر) ، فهو الأسلم، (وإذا عرفت هذا في الكافر فهو في زيد الفاسق أو زيد المبتدع أولى، فلعن الأعيان فيه خطر; لأن الأعيان تنقلب في الأحوال) .
وروى ابن إسحاق في سيرته [ ص: 487 ] والنحاس في ناسخه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل من قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنك تنهى عن الشيء ثم تحول. فحول قفاه للنبي صلى الله عليه وسلم، وكشف استه، فلعنه ودعا عليه، فأنزل الله هذه الآية، قال: ثم أسلم الرجل وحسن إسلامه" .