وتفصيله أن العوام المشتغلين بالحرف والصناعات يجب أن يتركوا على سلامة عقائدهم التي اعتقدوها مهما تلقنوا الاعتقاد الحق الذي ذكرناه فإن تعليمهم الكلام ضرر محض في حقهم ؛ إذ ربما يثير لهم شكا ويزلزل عليهم الاعتقاد ولا يمكن القيام بعد ذلك بالإصلاح .
(وإذا وقعت الإحاطة) وكمال المعرفة (بضرره ومنفعته فينبغي أن يكون الناظر فيه) بعد تلك الإحاطة (كالطبيب الحاذق) الماهر (في استعمال الدواء الخطر) الذي فيه بعض سميات مثلا (إذ لا يضعه إلا في موضعه) الذي يليق بوضعه (وذلك في وقت الحاجة، وعند قدر الحاجة) ؛ فإنه إذا لم يصادف [ ص: 60 ] الوقت والقدر كان عين الضرر، وهذا لا تبينه إلا المهرة في الفن (وتفصيله أن العوام) من الناس (المشغولين بالحرف) والصناعات وجميع أنواع الاكتسابات (يجب أن يتركوا على سلامة عقائدهم) وهي (التي اعتقدوها مهما تلقنوا الاعتقاد الحق الذي ذكرناه) آنفا، ويكتفى به معهم على هذا القدر، ولا يعلمون المناظرة والجدال .
(فإن تعليمهم الكلام) وصفة الجدال (ضرر محض) خالص (في حقهم؛ إذ ربما يثير لهم شكا) أي: يبعث من الكلام [ما] يتعلق بفهمه (ويزلزل عليهم الاعتقاد) الذي تلقنوه (فلا يمكن القيام بعد ذلك بالإصلاح) أي: بإزالة ذلك الشك العارض في قلبه؛ لرسوخه فيه وعدم التفاته إلى ما يزيله، أو نظره فيه، ولم يفهم كنهه، هذا حال أرباب الحرف .