وروي أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم الأشج فأناخ راحلته ، ثم عقلها وطرح عنه ثوبين كانا عليه . وأخرج من العيبة ثوبين حسنين ، فلبسهما ، وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى ما يصنع ثم أقبل يمشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام : إن فيك يا أشج خلقين يحبهما الله ورسوله قال : ما هما بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال : الحلم والأناة فقال خلتان تخلقتهما أو خلقان جبلت عليهما فقال بل : خلقان جبلك الله عليهما فقال : الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله .
وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب الحليم الحيي الغني المتعفف أبا العيال التقي ويبغض الفاحش البذي السائل الملحف الغبي .
وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن فلا تعتدوا بشيء من عمله: تقوى تحجزه عن معاصي الله عز وجل، وحلم يكف به السفيه، وخلق يعيش به في الناس .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جمع الله : : الخلائق يوم القيامة نادى مناد أين أهل الفضل ? فيقوم ناس ، وهم يسير فينطلقون سراعا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون لهم ، إنا نراكم سراعا إلى الجنة فيقولون : نحن أهل الفضل ، فيقولون لهم : ما كان فضلكم ? فيقولون : كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيء إلينا عفونا وإذا جهل علينا حلمنا فيقال لهم : ادخلوا الجنة ، فنعم أجر العاملين .
(وقيل في قوله تعالى: كونوا ربانيين ، أي: حلماء علماء) ، وتقدم في كتاب العلم (وعن الحسن) البصري - رحمه الله تعالى - (في قوله تعالى: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، قال: حلماء; إن جهل عليهم لم يجهلوا) .
أخرج nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر، nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب، عن الحسن، قال: يمشون على الأرض هونا الآية، قال: يمشون حلماء متواضعين لا يجهلون على أحد، وإن جهل [ ص: 30 ] عليهم لم يجهلوا.
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد، عن الحسن في حديث طويل ذكر فيه: فنعتهم الله في القرآن أحسن نعت، فقال: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، قال: حلماء لا يجهلون على أحد، وإن جهل عليهم حلموا، وقال مجاهد: سلاما، أي: سدادا من القول .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي، nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض: سلاما، أي: إن جهل عليه حلم، وأن أسيء إليه أحسن، وإن حرم أعطى، وإن قطع وصل .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي في مكارم الأخلاق، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، قال: سلاما، أي: ردا معروفا .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم (وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح) - رحمه الله تعالى -: ( يمشون على الأرض هونا ، أي: حلما) .
أخرج nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم، عن nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني، قال: هونا، أي: حلماء بالعبرانية، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران، قال: بالسريانية، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هونا ، أي: بالطاعة، والعقاب، والتواضع .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر، nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: هونا ، أي: بوقار وسكينة .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، nindex.php?page=showalam&ids=14906والفريابي، nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب، وروي مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض.
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي في المكارم، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هونا ، أي: محلما حلما .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم، وعن يزيد بن أسلم: هونا: لا يشتدون .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر، nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: هونا ، أي: تواضعا لعظمته .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم، وعن الحسن: هونا: حلماء متواضعين .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب (وقال ابن أبي حبيب) هو يزيد بن أبي حبيب أبو رجاء المصري، واسم أبيه سويد، ثقة، فقيه، مات سنة ثمان وعشرين، روى له الجماعة (في قوله) تعالى: ( وكهلا ) ، ومن الصالحين (قال: الكهل منتهى الحلم) اعلم أن سن الكهولة هو سن الانحطاط مع بقاء من القوة، وهو من الأربعين إلى نحو من ستين سنة، ثم إن الحلم هنا بالضم بمعنى العقل، أي: سن الكهولة، والذي ينتهي إليه كمال العقل، ثم لا يزيد، والمناسب لسياق المصنف أن يكون بكسر الحاء بمعنى ضبط النفس عند هيجان الغضب، أي: هذه القوة منتهاها في هذا السن، فتأمل، وسيأتي لذلك تحقيق قريبا .
(وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد) في قوله تعالى: ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ، أي: إذا أوذوا صفحوا) .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر، nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب (وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود) - رضي الله عنه - (مر بلغو معرضا) ، ولم يقف (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) : لقد (أصبح nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أو) قال: (أمسى كريما، ثم تلا nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة) الطائفي، نزيل مكة، ثبت حافظ، مات سنة ثنتين وثلاثين، روى له الجماعة (وهو الراوي) لهذا الحديث (قوله تعالى: وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في البر والصلة بإسناد منقطع. انتهى .
(وقال صلى الله عليه وسلم: ليلني) بكسر اللامين، وخفة النون من غير ياء قبل النون، وبإثباتها مع شدة النون على التأكيد .
هكذا ضبطه النووي بالوجهين، وقال الطيبي: حق هذا اللفظ أن تحذف منه الياء; لأنه على صيغة الأمر، وقد وجد بإثبات الياء، وسكونها في سائر كتب الحديث، والظاهر أنه غلط (منكم) ، أي: ليدنون مني منكم يا أصحابي (ذوو الأحلام) ، وفي لفظ: أولو الأحلام، أي: العقول (والنهى) جمع نهية بالضم، وهي العقل الناهي عن القبائح .
هكذا فسره غير واحد، وفيه لزوم التكرار من غير ضرورة داعية، والأولى أن يفسر ذوو الأحلام بالبالغين، والحلم بالضم ما يراه النائم، وقد غلب استعماله فيما [ ص: 31 ] يراه من دلالة البلوغ، فدلالته على البلوغ التزامية، (ثم الذين يلونهم) ، أي: يقربون منهم في الوصف; كالمراهقين، (ثم الذين يلونهم) كالصبيان المميزين، (ولا تختلفوا فتختلف) بالنصب (قلوبكم) ، أي: تراصوا في الصفوف، وليقرب بعضكم بعضا، ولا يختلف، فإن الاختلاف الظاهر يورث اختلاف الباطن، وإياكم وهيشات الأسواق، جمع هيشة، وهي الفتنة، والاضطراب، أي: مختلطات الأصوات، وجماعاتها، والمعنى: لا تكونوا مختلطين اختلاط أهل الأسواق، فلا يتميز الذكور من الإناث، ولا الصبيان من البالغين .
والظاهر من سياق المصنف لهذا الحديث هناك: أن المراد بالأحلام هنا جمع الحلم بالكسر، أي: أصحاب هذه الصفة، أي: أهل الوقار والسكينة، وهم أشراف الصحابة، وسابقوهم، ويدل على ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: ليليني منكم الذين يأخذون عني، أي: الصلاة، أي: لشرفهم، ومزيد فضلهم، وعلى هذا فلا يكون في الحديث تكرار .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث أبي مسعود دون قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=657662ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، فهي عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، وحسنه، وهي عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث آخر لأبي مسعود . ا ه .
قلت: وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، وقال: هو على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في العلل: سألت nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن هذا السؤال، فقال: أرجوا أن يكون محفوظا، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، (وروي أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم الأشج) العبدي، ويقال له: أشج عبد القيس، وأشج بني عصر، مشهور بلقبه، واسمه المنذر بن عابدين الحرث، قال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: كان قدوم الأشج ومن معه سنة عشر من الهجرة، وقيل: سنة ثمان، قبل فتح مكة (فأناخ راحلته، ثم عقلها) ، أي: حبسها بعقال، (ثم طرح عنه ثوبين كانا عليه .
وأخرج من العيبة) وهي شبه الخرج (ثوبين حسنين أبيضين، فلبسهما، وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصنع) ، أي: بمرأى منه، وكان قد تخلف عن أصحابه، وهو أصغرهم سنا، وهم أقبلوا بثياب سفرهم، فقابلوا النبي صلى الله عليه وسلم، (ثم أقبل يمشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، فقبل يده (فقال صلى الله عليه وسلم: يا أشج) - ناداه بلقبه المشهور به - (إن فيك خلقين) بضمتين، وفي رواية: لخصلتين مثنى خصلة (يحبهما الله ورسوله، فقال: ما هما بأبي أنت وأمي؟ فقال: الحلم) بالكسر، أي: العقل (والإناة) بالكسر، أي: التثبت وعدم العجلة، (فقال) يا رسول الله: (خلقان تخلقتهما) ، أي: تكفلتهما، (أو خلقان جبلتهما) ، أي: جبلني الله عليهما (قال: بلى، خلقان جبلك الله عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني خلقين يحبهما الله ورسوله) ، وهذا لا يناقضه النهي عن مدح المؤمن في وجهه، فإن ما كان من النبوة، فهو وحي، والوحي لا يجوز كتمه، أو أنه صلى الله عليه وسلم علم من حاله أنه لا يلحقه به الإعجاب، فأخبره بذلك ليزداد لزوما له، ويشكر الله على ما منحه .
قال العراقي: متفق عليه .
قلت: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الإيمان، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في البر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث الوازع، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد إلا أنه قال: التؤدة بدل الإناة، وهي بمعناها، (وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب الحليم) ، أي: صاحب الحلم (الحيي) ، أي: كثير الحياء (الغني) عن الناس لقلة حاجته إليهم (المتعفف) عن السؤال لهم، (ويبغض الفاحش البذي) خبيث اللسان يتكلم بالهذر من القول (السائل الملحف) ، أي: الملح .
قلت: روى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص: nindex.php?page=hadith&LINKID=662274إن الله يحب العبد الغني الحفي، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث عمران: nindex.php?page=hadith&LINKID=680624إن الله يحب عبده المؤمن الغني المتعفف، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد: nindex.php?page=hadith&LINKID=907301إن الله يبغض الفاحش المتفحش، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=102317إن الله يبغض السائل الملحف، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما -: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث) خصال (من لم تكن فيه) خصلة واحدة منهن (فلا تعتدن) ، أي: لا تعتبرن (بشيء من عمله: تقوى) ، أي: كف عن المحارم والشبهات (تحجزه عن معاصي الله) ، ومحارمه (وحلم يكف به أذى السفيه) ، فلا يرد عليه بمثل صنعه، بل بالعفو، والصفح، واحتمال الأذى، ونحو ذلك (وخلق) بضم اللام (يعيش به في الناس) ، [ ص: 32 ] بأن تكون عنده ملكة يقتدر بها على مداراتهم، ومسالمتهم; ليسلم من شرهم .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في كتاب الإيجاز بإسناد ضعيف، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة بإسناد لين، وقد تقدم في آداب الصحبة .
(وقال صلى الله عليه وسلم: إذا اجتمع الخلائق يوم القيامة) ، وفي نسخة: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة (نادى مناد) من بطنان العرش: (أين أهل الفضل؟ فيقوم ناس، وهم يسير) ، أي: قليل (فينطلقون سراعا إلى الجنة) ، أي: مسرعين إليها (فتتلقاهم الملائكة، فيقولون) لهم: (إنا نراكم سراعا إلى الجنة) ، أي: فما السبب في ذلك؟ (فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون: ما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظلمنا) ، أي: ظلمنا غيرنا (صبرنا) على ظلمهم، (وإذا أسيء إلينا غفرنا) ، أي: صفحنا عن إساءتهم (وإذا جهل علينا حلمنا) ، أي: قابلنا جهلهم بالحلم (فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين) .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: في إسناده ضعف .