ويحك أيها المفتون ! فما احتجاجك بالمال وهذا عبد الرحمن في فضله ، وتقواه ، وصنائعه المعروف ، وبذله الأموال في سبيل الله مع صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبشراه بالجنة أيضا .
يوقف في عرصات القيامة وأهوالها بسبب ماله كسبه من حلال للتعفف ولصنائع المعروف ، وأنفق منه قصدا وأعطى في سبيل الله سمحا .
منع من السعي إلى الجنة مع الفقراء المهاجرين ، وصار يحبو في آثارهم حبوا فما ظنك بأمثالنا الغرقى في فتن الدنيا ؟! وبعد ، فالعجب كل العجب لك يا مفتون تتمرغ في تخاليط الشبهات والسحت وتتكالب ، على أوساخ الناس وتتقلب ، في الشهوات والزينة والمباهاة وتتقلب ، في فتن الدنيا ، ثم تحتج بعبد الرحمن وتزعم أنك إن جمعت المال فقد جمعه الصحابة كأنك أشبهت السلف ، وفعلهم ، ويحك ! إن هذا من قياس إبليس ومن فتياه لأوليائه وسأصف لك أحوالك ، وأحوال السلف ؛ لتعرف فضائحك ، وفضل الصحابة .
وبعد ، فإن أخيار الصحابة كانوا للمسكنة محبين ، ومن خوف الفقر آمنين ، وبالله في أرزاقهم واثقين ، وبمقادير الله مسرورين ، وفي البلاء راضين ، وفي الرخاء شاكرين ، وفي الضراء صابرين ، وفي السراء حامدين ، وكانوا لله متواضعين ، وعن حب العلو والتكاثر ورعين .
لم ينالوا من الدنيا إلا المباح لهم بالبلغة منها وزجوا الدنيا وصبروا على مكارهها ، وتجرعوا مرارتها ، وزهدوا في نعيمها وزهرتها .
، فبالله أكذلك أنت؟! .
(وبلغنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه: ("أما إنك أول من يدخل الجنة من أغنياء أمتي، وما كدت تدخلها إلا حبوا") قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بسند ضعيف .
nindex.php?page=showalam&ids=14070وللحاكم من حديث عبد الرحمن: "يا ابن عوف إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا" الحديث، وقال: صحيح الإسناد .
قلت: بل ضعيف، فيه [ ص: 217 ] خالد بن يزيد بن أبي مالك، ضعفه الجمهور. انتهى .
قلت: قال nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية: حدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: يا ابن عوف إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فاقرض الله يطلق لك قدميك، قال ابن عوف: وما الذي أقرض الله؟ قال: تتبرأ مما أمسيت فيه، قال: من كله أجمع يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فخرج ابن عوف وهو يهم بذلك، فأتاه جبريل فقال: مر ابن عوف فليضف الضيف، وليطعم المسكين، وليعط السائل، فإذا فعل ذلك كانت كفارة لما هو فيه".
وخالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك أبو هاشم الدمشقي، وقد ينسب إلى جد أبيه، فقيه ضعيف، وقد اتهمه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين، روى له nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه، وقال الذهبي في الديوان: قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: ليس بثقة، ووثقه غيره، ففي قول العراقي: ضعفه الجمهور، نظر .
(ويحك أيها المفتون! فما احتجاجك بالمال وهذا عبد الرحمن) رضي الله عنه (في فضله، وتقواه، وصنائعه المعروفة، وبذله الأموال في سبيل الله) فقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية، عن nindex.php?page=showalam&ids=83المسور بن مخرمة قال: "باع nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أرضا له من nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك المال في بني زهرة وفقراء المسلمين وأمهات المؤمنين".
وعن nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف: "ما بطأ بك عني؟ فقال: ما زلت بعدك أحاسب، وإنما ذلك لكثرة مالي، فقال: هذه مائة راحلة جاءتني من مصر، فهي صدقة على أرامل أهل المدينة".
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق المبارك، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، قال: "تصدق nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشطر ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفا، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على ألف وخمسمائة راحلة في سبيل الله".
وأخرج صاحب الحلية، عن جعفر بن برقان قال: "بلغني أن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت".
(يوقف في عرصات القيامة وأهوالها بسبب مال كسبه من حلال) وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أن عامة ماله كان من التجارة (للتعفف ولصنائع المعروف، وأنفق منه قصدا) على طريق العدل (وأعطى في سبيل الله سمحا) أي: فيضا (قد منع من السعي إلى الجنة مع الفقراء المهاجرين، وصار يحبو في آثارهم حبوا) ويزحف زحفا (فما ظنك بأمثالنا الغرقى في فتن الدنيا؟!) .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية من طريق نوفل بن إياس الهذلي قال: "كان عبد الرحمن لنا جليسا، وكان نعم الجليس، وأنه انقلب بنا يوما حتى دخلنا بيته، ودخل واغتسل، ثم خرج، فجلس معنا، وأتينا بصفحة فيها خبز ولحم، فلما وضعت بكى عبد الرحمن، فقلنا له: يا أبا محمد، ما يبكيك؟ فقال: nindex.php?page=hadith&LINKID=890760مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير، ولا أرانا أخرنا لما هو خير لنا" .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الزهد، عن محمد بن جعفر، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده "أنه أتي بطعام، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة: أحسبه كان صائما، فقال عبد الرحمن: قتل حمزة فلم نجد ما نكفنه فيه وهو خير مني، وقتل nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير وهو خير مني فلم نجد ما نكفنه فيه، وقد أصبنا منها ما أصبنا؛ إني لأخشى أن تكون قد عجلت لنا طيباتنا في الدنيا" قال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة: وأظنه قال: "ولم يأكل" .
(وبعد، فالعجب كل العجب لمفتون تمرغ في تخاليط الشبهات والسحت، وتكالب على أوساخ الناس، وهو يتقلب في) وفي نسخة: وهو يلتفت إلى (الشهوات والزينة والمباهاة، وهو يتقلب في فتن الدنيا، ثم تحتج بعبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه (وتزعم أنك إن جمعت المال فقد جمعه الصحابة) الكرام (كأنك أشبهت السلف، وفعلهم، ويحك! إن هذا من قياس إبليس ومن فتياه لأوليائه) وهو قياس فاسد وفتيا باطلة .
(ولم يمنعوا منها حقا) لله تعالى (ولم يبخلوا بها، ولكنهم جادوا لله تعالى بأكثرها، وجاد بعضهم بجميعها، وفي الشدة آثروا الله على أنفسهم كثيرا، فبالله أكذلك أنت؟! والله إنك لبعيد الشبه بالقوم) لا وجه للشبه بينك وبينهم فيما صنعوا (وبعد، فإن أخيار الصحابة كانوا للمسكنة محبين، ومن خوف الفقر آمنين، وبالله في أرزاقهم واثقين، وبمقادير الله مسرورين، وفي البلاء راضين، وفي الرخاء شاكرين، وفي الضراء صابرين، وفي السراء حامدين، وكانوا لله متواضعين، وعن حب العلو والتكاثر ورعين، لم ينالوا من الدنيا إلا المباح لهم) فوضعوه في مواضعه (ورضوا بالبلغة منها) أي: بالقدر الذي يبلغهم إلى الآخرة (وزجوا الدنيا) أي: ساقوها وأبعدوها عنهم (وصبروا على مكارهها، وتجرعوا مراراتها، وزهدوا في نعيمها وزهراتها، فبالله أكذلك أنت؟!) لا تقدر تقول: نعم .