الأولى : أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة ، كالذي غرضه أن يخفف الركوع والسجود ، ولا يطول القراءة ، فإذا رآه الناس أحسن الركوع والسجود ، وترك الالتفات وتمم القعود بين السجدتين وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : « من فعل ذلك فهو استهانة يستهين بها ربه عز وجل » أي إنه : ليس يبالي باطلاع الله عليه في الخلوة ، فإذا اطلع عليه آدمي أحسن الصلاة ومن جلس بين يدي إنسان متربعا أو متكئا ، فدخل غلامه فاستوى وأحسن الجلسة كان ذلك منه تقديما للغلام على السيد ، واستهانة بالسيد لا محالة ، وهذا حال المرائي بتحسين الصلاة في الملإ دون الخلوة .
وكذلك الذي يعتاد إخراج الزكاة من الدنانير الرديئة ، أو من الحب الرديء فإذا اطلع عليه غيره أخرجها من الجيد ؛ خوفا من مذمته ، وكذلك الصائم يصون صومه عن الغيبة والرفث ؛ لأجل الخلق لا إكمالا لعبادة الصوم ، خوفا من المذمة ، فهذا أيضا من الرياء المحظور ؛ لأن فيه تقديما للمخلوقين على الخالق ، ولكنه دون الرياء بأصول التطوعات .
فإن قال المرائي : إنما فعلت ذلك صيانة لألسنتهم عن الغيبة ؛ فإنهم إذا رأوا تخفيف الركوع والسجود وكثرة الالتفات أطلقوا اللسان بالذم والغيبة وإنما ، قصدت صيانتهم عن هذه المعصية ، فيقال له : هذه مكيدة للشيطان عندك وتلبيس وليس الأمر كذلك ؛ فإن ضررك من نقصان صلاتك وهي خدمة منك لمولاك أعظم من ضررك بغيبة غيرك ، فلو كان باعثك الدين لكان شفقتك على نفسك أكثر ، وما أنت في هذا إلا كمن يهدي وصيفة إلى ملك لينال منه فضلا وولاية يتقلدها ، فيهديها إليه وهي عوراء قبيحة مقطوعة الأطراف ، ولا يبالي به إذا كان الملك وحده ، وإذا كان عنده بعض غلمانه امتنع ؛ خوفا من مذمة غلمانه ، وذلك محال ، بل من يراعي جانب غلام الملك ينبغي أن تكون مراقبته للملك أكثر .
نعم للمرائي ، فيه حالتان :
إحداهما : أن يطلب بذلك المنزلة والمحمدة عند الناس ، وذلك حرام قطعا .
والثانية : أن يقول : ليس يحضرني الإخلاص في تحسين الركوع والسجود ، ولو خففت كانت صلاتي عند الله ناقصة وآذاني ، الناس بذمهم وغيبتهم فأستفيد ، بتحسين الهيئة دفع مذمتهم ولا أرجو عليه ثوابا فهو خير من أن أترك تحسين الصلاة ، فيفوت الثواب ، وتحصل المذمة ، فهذا فيه أدنى نظر .
والصحيح أن الواجب عليه أن يحسن ويخلص 4فإن لم تحضره النية فينبغي أن يستمر على عادته في الخلوة ، فليس له أن يدفع الذم بالمراءاة بطاعة الله ؛ فإن ذلك استهزاء كما سبق .
الدرجة الثانية : أن يرائي بفعل ما لا نقصان في تركه ، ولكن فعله في حكم التكملة والتتمة لعبادته ، كالتطويل في الركوع والسجود ، ومد القيام وتحسين الهيئة ورفع اليدين ، والمبادرة إلى التكبيرة الأولى وتحسين الاعتدال .
والزيادة في القراءة على السورة المعتادة ، وكذلك كثرة الخلوة في صوم رمضان ، وطول الصمت ، وكاختيار الأجود على الجيد في الزكاة ، وإعتاق الرقبة الغالية في الكفارة .
وكل ذلك مما لو خلا بنفسه لكان لا يقدم عليه .
الثالثة : أن يرائي بزيادات خارجة عن نفس النوافل أيضا ، كحضوره الجماعة قبل القوم ، وقصده للصف الأول ، وتوجهه إلى يمين الإمام ، وما يجري مجراه .
وكل ذلك مما يعلم الله منه أنه لو خلا بنفسه لكان لا يبالي أين وقف ومتى يحرم بالصلاة . فهذه درجات الرياء بالإضافة إلى ما يرائي به ، وبعضه أشد من بعض .
الدرجة الأولى: أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة، كالذي غرضه أن يخفف الركوع والسجود، ولا يطول القراءة، فإذا رآه الناس أحسن الركوع والسجود، وترك الالتفات) يمينا وشمالا (وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: "من فعل ذلك فهو استهانة يستهين بها ربه") أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في المصنف، بلفظ: "من صلى صلاة والناس يرونه فليصل إذا خلا مثلها، وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه" [ ص: 278 ] وأخرجه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة مثله .
(أي: ليس يبالي باطلاع الله عليه في الخلوة، فإذا اطلع آدمي عليه أحسن الصلاة) وأتمها ركوعا وسجودا وقراءة (ومن جلس بين يدي إنسان متربعا أو متكئا، فدخل غلامه فاستوى وأحسن الجلسة كان تقديما للغلام على السيد، واستهانة بالسيد لا محالة، وهذا حال المرائي بتحسين الصلاة في الملأ دون الخلوة، وكذلك الذي يعتاد إخراج الزكاة من الدنانير الردية، أو من الحب الرديء فإذا اطلع عليه غيره أخرجها من الجيد؛ خوفا من مذمته، وكذلك الصائم يصوم صومه عن الغيبة والرفث؛ لأجل الخلق لا إكمالا لعبادة الصوم، بل خوفا من المذمة، فهذا أيضا من الرياء المحظور؛ لأن فيه تقديما للمخلوقين على الخالق، ولكنه دون الرياء بأصول التطوعات .
فإن قال المرائي: إنما فعلت ذلك صيانة لألسنتهم عن) الوقوع في (الغيبة؛ فإنهم إذا رأوا تخفيف الركوع والسجود وكثرة الالتفات أطلقوا ألسنتهم بالذم والغيبة، فإنما قصدت صيانتهم عن هذه المعصية، فيقال له: هذه مكيدة من الشيطان وتلبيس) وتغرير وخداعات .
(وليس الأمر كذلك؛ فإن ضررك من نقصان صلاتك وهي خدمة منك لمولاك أعظم من ضررك من غيبة غيرك، فلو كان باعثك الدين لكانت شفقتك على نفسك أكثر، وما أنت في هذا إلا كمن يهدي وصيفة) أي: جارية (إلى ملك) من الملوك (لينال منه) فضلا، و (ولاية يتقلدها، فيهديها إليه وهي عوراء) أي: معيبة (قبيحة) الصورة (مقطوعة الأطراف، ولا يبالي به إذا كان الملك وحده، وإذا كان عنده بعض عبيده امتنع؛ خوفا من مذمة غلامه، وذلك محال، بل من يراعي جانب غلام الملك ينبغي أن تكون مراقبته للملك أكثر .
نعم، للمراءى فيه حالتان:
إحداهما: أن يطلب بذلك المنزلة في) القلوب (والمحمدة عند الناس، وذلك حرام قطعا .
الثانية: أن يقول: ليس يحضرني الإخلاص في تحسين الركوع والسجود، ولو خففت كانت صلاتي عند الله ناقصة، وأذاني الناس بغيبتهم وذمهم، فأستفيد بتحسين الهيئة دفع مذمتهم) عني (ولا أرجو عليه ثوابا) في الآخرة (فهو خير من أن أترك تحسين الصلاة، فيفوت الثواب، وتحصل المذمة، فهذا فيه أدنى نظر، والصحيح أن الواجب عليه أن يحسن ويخلص ) في صلاته .
(فإن لم تحضره النية فينبغي أن يستمر على عادته في الخلوة، فليس له أن يدفع الذم بالمراءاة بطاعة الله تعالى؛ فإن ذلك استهزاء كما سبق) من قول قتادة .
(الدرجة الثانية: أن يرائي بفعل ما لا نقصان في تركه، ولكن فعله في حكم التكملة والتتمة للعبادة، كالتطويل في الركوع والسجود، ومد القيام) بتطويل القراءة فيه (وتحسين الهيئة في رفع اليدين، والمبادرة إلى التكبيرة الأولى) مع الإمام (وتحسين الاعتدال، والزيادة في القراءة على السورة المعتادة، وكذلك كثرة الخلوة في صوم رمضان، وطول الصمت، وكاختيار الأجود على الجيد في) إخراج (الزكاة، وإعتاق الرقبة الغالية) الثمن [ ص: 279 ] (في الكفارة، وكل ذلك مما لو خلا بنفسه لا يقدم عليه .
الدرجة الثالثة: أن يرائي بزيادات خارجة من نفس النوافل أيضا، كحضوره الجماعة قبل القوم، وقصده الصف الأول، وتوجهه إلى يمين الإمام، وما يجري مجراه، وكل ذلك يعلم الله منه أنه لو خلا بنفسه لكان لا يبالي أين وقف) ومتى (يحرم بالصلاة .
فهذه درجات الرياء بالإضافة إلى ما يراءى به، وبعضه أشد من بعض، والكل مذموم) وصاحبه ممقوت عند الله تعالى، والله الموفق .