وقال صلى الله عليه وسلم : خيرني ربي بين أمرين ؛ أن أكون عبدا رسولا ، أو ملكا نبيا ، فلم أدر أيهما أختار ، وكان صفيي من الملائكة جبريل فرفعت رأسي إليه فقال : تواضع لربك ، فقلت : عبدا رسولا .
وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام إنما أقبل صلاة من تواضع لعظمتي ، ولم يتعاظم على خلقي ، وألزم قلبه خوفي ، وقطع نهاره بذكري ، وكف نفسه عن الشهوات من أجلي .
وقال صلى الله عليه وسلم : الكرم التقوى ، والشرف التواضع واليقين الغنى .
وقال المسيح عليه السلام : طوبى للمتواضعين في الدنيا ، هم أصحاب المنابر يوم القيامة ، طوبى للمصلحين بين الناس في الدنيا ، هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة ، طوبى للمطهرة قلوبهم في الدنيا ، هم الذين ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة .
وقال بعضهم : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا هدى الله عبدا للإسلام ، وحسن صورته وجعله في موضع غير شائن له ورزقه مع ذلك تواضعا ، فذلك من صفوة الله .
وقال صلى الله عليه وسلم : أربع لا يعطيهم الله إلا من أحب الصمت وهو أول العبادة والتوكل على الله ، والتواضع والزهد في الدنيا .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وكلا الحديثين ضعيف. اهـ .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في الأفراد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي: "يقول الله تعالى: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، ولم يتكبر على خلقي، وقطع نهاره بذكري، ولم يبت مصرا على خطيئته، يطعم الجائع، ويؤوي الغريب، ويرحم الصغير، ويوقر الكبير، فذلك الذي يسألني فأعطيه" الحديث، وقد تقدم .
(وقال صلى الله عليه وسلم: الكرم التقوى، والشرف التواضع) أي: إن الناس متساوون، وإن أحسابهم إنما هي بأفعالهم لا بأنسابهم (واليقين الغنى) فإن العبد إذا تيقن أن له زرقا قدر له لا يتخطاه عرف أن طلبه لما لم يقدر له عناء، لا يفيد سوى الحرص والطمع المذمومين، فقنع برزقه، وشكر عليه .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في كتاب اليقين مرسلا، وأسند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أوله من رواية الحسن، عن nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة، وقال: صحيح الإسناد. اهـ .
قلت: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في الكتاب المذكور من مرسل nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير، ورواه العسكري في الأمثال من قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بلفظ: "الكرم التقوى، والحسب المال، لست بخير من فارسي ولا نبطي إلا بتقوى الله".
ويروى: nindex.php?page=hadith&LINKID=3503319 "الحسب المال، والكرم التقوى" هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد في تفسيره، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال: حسن صحيح غريب، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي، nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء من حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة، وهذا هو الذي أشار إليه العراقي.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15007القضاعي من حديث بريدة، ورواه العسكري في الأمثال، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم في الحلية، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وصححه، nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر.
(وقال عيسى [ ص: 353 ] عليه السلام: طوبى للمتواضعين في الدنيا، هم أصحاب المنائر يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس في الدنيا، هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة، طوبى للمطهرة قلوبهم في الدنيا، هم الذين ينظرون إلى الله يوم القيامة) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الزهد، من طريق خيثمة.
(وقال بعضهم: بلغني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا هدى الله عبدا للإسلام، وحسن صورته) أي: في ظاهر ما يرى (وجعله في موضع غير شائن له) من الشين وهو العيب، أي: لا يكون في نسبه دخلة (ورزقه مع ذلك تواضعا، فذلك من صفوة الله) أي: ممن اصطفاه الله واختاره .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود نحوه، وفيه المسعودي، مختلف فيه. اهـ .
(وقال صلى الله عليه وسلم: أربع) خصال (لا يعطيهن الله إلا من يحب) وفي نسخة: من أحب (الصمت) أي: السكوت عما لا ينبغي، أو: ما لا يعني المتكلم (وهو أول العبادة) أي: مبناها وأساسها؛ لأن اللسان هو الذي يكب الناس على مناخرهم (والتوكل على الله، والتواضع) أي: لين الجانب للخلق على طبقاتهم، ورؤية الإنسان نفسه حقيرا صغيرا (والزهد في الدنيا) أي: القلة فيها .
قلت: فيه القوام بن جويرية، قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان: يروي الموضوعات، ثم روى له هذا الحديث. اهـ .
قلت: وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر موقوفا، ومعنى كونهن لا يصبن إلا بعجب، أي: لا توجد وتجتمع في إنسان في آن واحد إلا على وجه عجيب، يتعجب منه لعظم موقعه؛ لكونها قل أن تجتمع؛ فإن الغالب على الزاهد في الدنيا قلة ما ينفق منه على نفسه وذويه، فيظهر الشكوى والتضجر، ويمنع صرف الهمة إلى الذكر، فاجتماعها شيء عجيب، لا يحصل إلا بتوفيق إلهي، وإمداد سماوي .
وقد شنع الذهبي والمنذري على nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في الحكم بتصحيحه، فذكر الذهبي في الميزان في ترجمة العوام بن جويرية بعد أن تعجب من إخراجه له، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي: الأصل في هذا أنه موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وقد رفعه بعض الضعفاء عن أبي معاوية حميد بن الربيع، وقد قال يحيى: حميد كذاب .
قلت: سياق المصنف رواه nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي في مكارم الأخلاق، وفيه الكريمي، قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان: كان يضع على الثقات .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي في مساوئ الأخلاق في أثناء حديث: "فإذا تواضع رفعه الله بالسلسلة إلى السماء السابعة" وقد تقدم قريبا .
(وقال صلى الله عليه وسلم: "التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرحمكم الله") قال العراقي: رواه الأصفهاني في الترغيب والترهيب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وفيه بشر بن الحسين، وهو ضعيف جدا. nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم في أثناء حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=661697 "ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله". اهـ .
قال العراقي: لم أجده هكذا، والمعروف "أكله مع مجذوم" رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود، وقال: غريب، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، وقد تقدم .
(وقال صلى الله عليه وسلم: إنه ليعجبني أن يحمل الرجل شيئا في يده يكون مهناة) وفي نسخة: مهنة (لأهله، يدفع به الكبر عن نفسه) قال العراقي: غريب .
قلت: ورد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يمنعه الحياء أن يحمل بضاعة من السوق" أورده nindex.php?page=showalam&ids=12850القشيري في الرسالة .
(وقال صلى الله عليه وسلم: "ما لي لا أرى عليكم حلاوة العبادة، قالوا: وما حلاوة العبادة؟ قال: التواضع") .
[ ص: 354 ] قال العراقي: غريب أيضا .
(وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم المتواضعين فتواضعوا، وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم؛ فإن ذلك مذلة لهم وصغار) قال العراقي: غريب أيضا، والمعنى: إن المتكبر إذا تواضعت له تمادى في تيهه، وإذا تكبرت عليه يمكن أن يتنبه، ومن ثم قال الشافعي: ما تكبر علي متكبر مرتين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: التجبر على أبناء الدنيا أوثق عرى الإسلام. وفي بعض الآثار: "التكبر على المتكبر صدقة" ويؤيده ما تقدم من حديث ركب المصري: nindex.php?page=hadith&LINKID=944254 "طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وذل في غير مسكنة" ومنه يؤخذ أن الرجل إذا تغير صديقه وتكبر عليه لنحو منصب أن يفارقه؛ ولذلك قيل:
سأصبر عن رفيقي إذا جفاني على كل الأذى إلا الهوان
وقال الشيخ الأكبر -قدس سره-: الخضوع واجب في كل حال إلى الله باطنا وظاهرا، فإذا اتفق أن يقام في موطن الأولى فيه ظهور عزة الإيمان وجبروته وعظمته لعز المؤمن وعظمته وجبروته، ويظهر في المؤمن من الأنفة والجبروت ما يناقض الخضوع والذلة فالأولى إظهار ما يقتضيه ذلك الموطن، فإن للمواطن أحكاما، فافعل بمقتضاها تكن حكيما. والله أعلم .