القسم الثاني :
التكبر على الرسل من حيث تعزز النفس وترفعها على الانقياد لبشر مثل سائر الناس وذلك تارة ؛ يصرف عن الفكر والاستبصار ، فيبقى في ظلمة الجهل بكبره ، فيمتنع عن الانقياد ، وهو ظان أنه محق فيه وتارة يمتنع مع المعرفة ولكن لا تطاوعه نفسه للانقياد للحق والتواضع للرسل ، كما حكى الله قولهم :
أنؤمن لبشرين مثلنا وقولهم
إن أنتم إلا بشر مثلنا ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا وقالوا لولا أنزل عليه ملك .
وقال فرعون فيما أخبر الله عنه :
أو جاء معه الملائكة مقترنين وقال الله تعالى
واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق فتكبر هو على الله وعلى رسله جميعا .
قال وهب قال له
موسى عليه السلام آمن ولك ملكك ، قال : حتى أشاور
هامان فشاور
هامان فقال
هامان : بينما أنت رب يعبد إذ صرت عبدا تعبد فاستنكف عن عبودية الله ، وعن اتباع
موسى عليه السلام .
وقالت
قريش فيما أخبر الله تعالى عنهم :
لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم قال قتادة عظيم القريتين هو الوليد بن المغيرة وأبو مسعود الثقفي طلبوا من هو أعظم رياسة من النبي صلى الله عليه وسلم إذ قالوا : غلام يتيم كيف بعثه الله إلينا ? فقال تعالى :
أهم يقسمون رحمت ربك وقال الله تعالى :
ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أي : استحقارا لهم ، واستبعادا لتقدمهم .
وقالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=103991« كيف نجلس إليك وعندك هؤلاء وأشاروا ؟! إلى فقراء المسلمين ، فازدروهم بأعينهم لفقرهم ، وتكبروا عن مجالستهم ، فأنزل الله تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي إلى قوله ما عليك من حسابهم ، وقال تعالى:
واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ثم أخبر الله تعالى عن تعجبهم حين دخلوا جهنم إذا لم يروا الذين ازدروهم فقالوا :
ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار قيل يعنون :
عمارا وبلالا nindex.php?page=showalam&ids=52وصهيبا nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد رضي الله عنهم ثم كان منهم من منعه الكبر عن الفكر والمعرفة فجهل كونه صلى الله عليه وسلم محقا ، ومنهم من عرف ومنعه الكبر عن الاعتراف ، قال الله تعالى مخبرا عنهم :
فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وقال
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا وهذا الكبر قريب من التكبر على الله عز وجل ، وإن كان دونه ، ولكنه تكبر على قبول أمر الله والتواضع لرسوله .