كاف في ذم الغرور ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يغبنون سهر الحمقى واجتهادهم ، ولمثقال ذرة من صاحب تقوى ويقين أفضل من ملء الأرض من المغترين » وقال صلى الله عليه وسلم: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق أتبع نفسه هواها وتمنى على الله .
(اعلم) هداك الله تعالى (أن قوله تعالى: فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) أي: لا توقعنكم في الغرور، ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) تقدم أنه فسر بالشيطان; لأنه أكبر الغارين بالدنيا، فإنها تغر وتضر وتمر، (وقوله تعالى: ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم ) أي: تأخرتم عن نصرة الرسول ( وارتبتم ) أي: شككتم، ( وغرتكم الأماني ) أي: أوقعتكم في الغرور (الآية) إلى آخرها، (كاف في ذم الغرور، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يغبنون سهر الحمقى واجتهادهم، ولمثقال ذرة من صاحب تقوى ويقين أفضل من [ ص: 428 ] ملء الأرض من المغترين") . قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في كتاب اليقين من قول nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء بنحوه، وفيه انقطاع، وفي بعض الروايات أبي الورد بدل nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء، ولم أجده مرفوعا ا هـ. قلت: ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية من قول nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء، قال: حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا أبو سعيد الكندي، عمن أخبره عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أنه قال: "يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم، كيف يعيبون سهر الحمقى وصيامهم، ومثقال ذرة من بر صاحب تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من أمثال الجبال من عباده المغترين" والانقطاع الذي أشار إليه العراقي هو ما بين أبي سعيد الكندي وبين nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء.
(وقال صلى الله عليه وسلم: الكيس) كسيد هو الظريف الفطن، وقد كاس كيسا، (من دان نفسه) أي: استعبدها، وقهرها، بأن جعلها مطية منقادة لأوامر ربها .
قال الشيخ الأكبر قدس سره: كان أشياخنا يحاسبون أنفسهم على ما يتكلمون به، وما يفعلونه، ويقيدونه في دفتر، فإذا كان بعد العشاء حاسبوا أنفسهم، وأحضروا دفترهم، ونظروا فيما صدر منهم من قول وعمل، وقابلوا كلا بما يستحقه، إن استحق استغفارا استغفروا، أو توبة تابوا، أو شكرا شكروا، ثم ينامون، فزدنا عليهم في محاسبة الخواطر فكنا نقيد ما تحدث به نفوسنا، وتهم به، ونحاسبها عليه، (وعمل لما بعد الموت) قبل نزوله ليصير على نور من ربه، فالموت عاقبة أمور الدنيا، فالكيس من أبصر العاقبة، (والأحمق) وفي رواية: العاجز بالعين المهملة والزاي، ورواية العسكري في الأمثال: الفاجر بالفاء (من أتبع نفسه هواها) فلم يكفها عن الشهوات، ولم يمنعها عن مقارفة المحرمات واللذات، (وتمنى على الله) ، زاد في رواية: الأماني بتشديد الياء، جمع الأمنية، وهي طلب ما لا طمع فيه، أو ما فيه عسر، أي: فهو على تقصيره في طاعة ربه، واتباع شهوات نفسه لا يستعد، ولا يعتذر، ولا يرجع، بل يتمنى على الله العفو والجنة مع الإصرار وترك التوبة والاستغفار .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وحسنه، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس ا هـ .
قلت: ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود، والطيالسي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس، والحارث بن أبي أسامة، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي، والعسكري في الأمثال، nindex.php?page=showalam&ids=15007والقضاعي، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بن حبيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس به مرفوعا، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، ثم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي، والحارث بن أبي أسامة، فقال: حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود يعني الطيالسي ح، وحدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا أبو النضر قالا: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بن حبيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، ثم قال: هذا حديث مشهور بابن المبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم، رواه عنه المتقدمون، ورواه عمرو بن بشر بن السرح، عن أبي بكر بن أبي مريم مثله، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد وغالب عن nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول، عن ابن غنم، عن شداد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وحدثناه سليمان بن أحمد، حدثنا مكحول البيروني، حدثنا إبراهيم بن بكر بن عمر وقال: سمعت أبي يحدث عن ثور وغالب بإسناده ا هـ كلام nindex.php?page=showalam&ids=12181أبي نعيم. وكأنه نظر إلى هذا nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم فصححه، وتعقبه الذهبي بأن ابن أبي مريم واه، وكذا قال ابن طاهر: إن مداره على أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف جدا، وكأنهم لم يروا ما توبع عليه فتأمل، والله أعلم .
وقال العسكري: هذا الحديث فيه رد على المرجئة، وإثبات للوعيد .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق عون بن عمارة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان، عن ثابت، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رفعه: "الكيس من عمل لما بعد الموت، والعاري العاري عن الدين، اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"، .