والمؤمنين بألسنتهم وبعقائدهم إذا ضيعوا أوامر الله تعالى وهجروا الأعمال الصالحة وبسوا ، الشهوات والمعاصي فهم مشاركون للكفار في هذا الغرور لأنهم آثروا الحياة الدنيا على الآخرة نعم أمرهم أخف لأن أصل الإيمان يعصمهم عن عقاب الأبد فيخرجون من النار ، ولو بعد حين ولكنهم أيضا من المغرورين فإنهم اعترفوا بأن الآخرة خير من الدنيا ، ولكنهم مالوا إلى الدنيا وآثروها ومجرد الإيمان لا يكفي للفوز ; قال تعالى : وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وقال تعالى : إن رحمت الله قريب من المحسنين ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=103385« الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه .
الكارهين للموت ; خيفة فوات لذات الدنيا دون الكارهين له خيفة لما بعده فهذا مثال الغرور بالدنيا من الكفار والمؤمنين جميعا .
ثم إن ذلك الحجب الحاصل لهم من الغرور الشيطاني لا يختص به الكفار المحجوبون بمجرد الظلمة، بل قد يحصل أيضا لجماعة ظاهرهم الإسلام، وباطنهم ملوث بالعقائد الفاسدة، ولهم أعمال سيئة، وإليه أشار المصنف بقوله: (والمؤمنون بألسنتهم وبعقائدهم إذا ضيعوا أوامر الله تعالى) ، ولم يقوموا بها كما أمروا تهاونا بها (وهجروا الأعمال الصالحة، وبسوا الشهوات) النفسية، وآثروا اللذات الحسية، (و) ارتكبوا (المعاصي) ، والدناءات (فهم مشاركون للكفار في هذا الغرور) ، ومحجوبون بمحض الظلمة كما حجبوا; (لأنهم آثروا الحياة الدنيا على الآخرة) ، فكان حجابهم أنفسهم الكدرة وشهواتهم المظلمة، فلا ظلمة أشد من الهوى والنفس، (نعم أمرهم أخف) من أمر الكفار; (لأن أصل الإيمان يعصمهم من عقاب الأبد فيخرجون من النار، ولو بعد حين) لما روى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وقال: حسن صحيح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: nindex.php?page=hadith&LINKID=664893 "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان"، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، والشيخان، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=656861 "يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة"، nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري من حديثه: nindex.php?page=hadith&LINKID=656074 "يخرج من النار قوم بعد ما احترقوا فيدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة الجهنميين"، (ولكنهم أيضا من المغرورين فإنهم اعترفوا بأن الآخرة خير من الدنيا، ولكنهم مالوا إلى الدنيا وآثروها) ، وانهمكوا في شهواتها ولذاتها، (ومجرد الإيمان) عن صالح العمل (لا يكفي للفوز; قال الله تعالى: وإني لغفار لمن تاب ) ، عن الشرك ( وآمن ) بما يجب الإيمان به ( وعمل صالحا ثم اهتدى ) ، ثم استقام على الهدى المذكور، (وقال تعالى: إن رحمت الله قريب من المحسنين ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=103385 "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه) فإن لم تكن تراه فإنه يراك" رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، والشيخان، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبي ذر معا، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، ويروى: nindex.php?page=hadith&LINKID=683620 "الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك، فإذا فعلت [ ص: 435 ] ذلك فقد أحسنت"، هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا من حديث أبي عامر، أو أبي مالك، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وهو في تاريخ nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16345عبد الرحمن بن غنم، وقد اختلف في صحبته، (وقال تعالى: والعصر إن الإنسان ) التعريف للجنس ( لفي خسر ) في مساعيهم، وصرف أعمالهم في مطالبهم، والتنكير للتعظيم ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا بالحياة الأبدية، والسعادة السرمدية، (فوعد المغفرة في جميع كتاب الله منوط بالإيمان والعمل الصالح جميعا لا بالإيمان وحده فهؤلاء أيضا مغرورون أعني المطمئنين إلى الدنيا) المائلين إليها (الفرحين بها المترفهين بنعيمها) المتقلبين في لذاتها (المحبين لها الكارهين للموت; خيفة فوات لذات الدنيا) فقط، (دون الكارهين له خيفة لما بعده) من الأهوال، والشدائد، والوقوف بين يدي الله تعالى، (فهذا مثال الغرور بالدنيا من الكفار والمؤمنين جميعا) ، ومن المؤمنين من حجب بمحض الأنوار فاغتروا بها، وهذا القسم الثالث من الأقسام التي ذكرناها، وهم كذلك أصناف شتى، وقد دخلهم الغرور في عقائدهم ومذاهبهم، وإنما الواصل منهم صنف واحد، وهم العارفون .