وإلى قوله عليه السلام : « حب الشرف والمال ينبتان النفاق كما ينبت الماء البقل .
إلى غير ذلك من الأخبار التي أوردناها في جميع ربع المهلكات في الأخلاق المذمومة .
فهؤلاء زينوا ظواهرهم وأهملوا بواطنهم، ونسوا قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم .
» فتعهدوا الأعمال وما تعهدوا ، القلوب ، والقلب هو الأصل إذ لا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم .
ومثال هؤلاء كبئر الحش ظاهرها جص وباطنها نتن ، أو كقبور الموتى ظاهرها مزين وباطنها جيفة ، أو كبيت مظلم باطنه ، وضع سراج على سطحه فاستنار ظاهره ، وباطنه مظلم أو كرجل قصد الملك ضيافته إلى داره فجصص باب داره ، وترك المزابل في صدر داره ، ولا يخفى أن ذلك غرور ، بل أقرب مثال إليه رجل زرع زرعا فنبت ، ونبت معه حشيش يفسده ، فأمر بتنقية الزرع عن الحشيش بقلعه من أصله فأخذ يجز رءوسه وأطرافه فلا تزال تقوى أصوله فتنبت لأن مغارس المعاصي هي الأخلاق الذميمة في القلب فمن لا يطهر القلب منها لا تتم له الطاعات الظاهرة ، إلا مع الآفات الكثيرة .
بل هو كمريض ظهر به الجرب وقد أمر بالطلاء وشرب الدواء فالطلاء ليزيل ما على ظاهره ، والدواء ليقطع مادته من باطنه فقنع بالطلاء وترك ، الدواء ، وبقي يتناول ما يزيد في المادة فلا يزال يطلي الظاهر والجرب دائم به يتفجر من المادة التي في الباطن .
(وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=676180 "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب") رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: لا يصح، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بإسناد ضعيف، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في التاريخ بإسناد حسن، وقد تقدم في كتاب العلم .
(وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: "حب الشرف والمال ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل") رواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم، ومن طريق الديلمي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ: "حب الغنى ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب"، ورواه الديلمي من طريق سلمة بن علي، عن عمر مولى غفرة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=14684 "الغنى واللهو ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب" الحديث، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: nindex.php?page=hadith&LINKID=14684 "الغنى ينبت النفاق في القلب كما ينبت الزرع"، ورواه هكذا nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، ولكن بلفظ: البقل بدل الزرع، وكل ذلك قد تقدم في كتاب الوجد والسماع، وفي كتاب ذم الجاه .
(فتعهدوا الأعمال، ولم يتعهدوا القلوب، والقلب هو الأصل إذ لا ينجو) غدا يوم القيامة (إلا من أتى الله بقلب سليم) أي: سالم عن الغش والكدر، (ومثال هؤلاء كبئر الحش) كذا في النسخ، وفي بعضها كبيت الحش، وهو الصواب، والحش بالضم، ويفتح بستان النخل. قال أبو حاتم: قولهم: بيت الحش مجاز لأن العرب كانوا يقضون حوائجهم في البساتين، فلما اتخذوا الكنف، وجعلوها خلفا عنها أطلقوا عليها ذلك الاسم، (ظاهرها جص) أي: مبيض به، (وباطنها نتن، أو كقبور الموتى ظاهرها مزين) بالعمارة، (وباطنها جيف، أو كبيت مظلم باطنه، وضع السراج على سطحه فاستنار ظاهره، وباطنه مظلم) ، وهذه الأمثلة الثلاثة في العلماء السوء لسيدنا عيسى عليه السلام نقله صاحب القوت. وتقدم بعضها في كتاب العلم، وبعضها في كتاب ذم الدنيا، (أو كرجل قصد الملك ضيافته إلى داره فجصص باب داره، وترك المزابل في صدر داره، ولا يخفى أن ذلك غرور، بل أقرب مثال إليه رجل زرع زرعا فنبت، ونبت معه حشيش يفسده، فأمر بتنقية الزرع عن الحشيش) المذكور (بقلعه من أصله فأخذ يجر رؤوسه) أي: يقطعها (وأطرافه) المتشعبة (فلا يزال يقوى أصله وينبت) ، وإنما كان هذا أقرب مثال إليه، (لأن مغارس المعاصي هي الأخلاق المذمومة في القلب فمن لا يطهر القلب منها لا تتم له الطاعات الظاهرة، إلا مع الآفات الكثيرة، بل هو كمريض ظهر به الجرب) والحكة، (وقد أمر بالطلاء) عليه من ظاهر البدن، (وشرب الدواء) من الباطن، (فالطلاء يزيل ما على ظاهره، والدواء يقلع مادته من باطنه فيقنع بالطلاء، ويترك الدواء، وبقي يتناول ما يزيد في المادة) من داخل، (فلا يزال يطلي الظاهر) فلا ينفعه، (والجرب به دائم يتفجر عن المادة التي في الباطن) .