اعلم أنك إذا فهمت معنى القبول لم تشك في أن كل توبة صحيحة فهي مقبولة ، فالناظرون بنور البصائر المستمدون من أنوار القرآن علموا أن كل قلب سليم مقبول عند الله ، ومتنعم في الآخرة في جوار الله تعالى ، ومستعد ; لأن ينظر بعينه الباقية إلى وجه الله تعالى ، وعلموا أن القلب خلق سليما في الأصل nindex.php?page=hadith&LINKID=842670« وكل مولود يولد على الفطرة » وإنما تفوته السلامة بكدورة ترهق وجهه من غبرة الذنوب وظلمتها وعلموا أن نار الندم تحرق تلك الغبرة ، وأن نور الحسنة يمحو عن وجه القلب ظلمة السيئة ، وأنه لا طاقة لظلام المعاصي مع نور الحسنات ، كما لا طاقة لظلام الليل مع نور النهار بل كما لا طاقة لكدورة الوسخ مع بياض الصابون وكما أن الثوب الوسخ لا يقبله الملك لأن يكون لباسه ، فالقلب المظلم لا يقبله الله تعالى لأن يكون في جواره وكما أن استعمال الثوب في الأعمال الخسيسة يوسخ الثوب وغسله بالصابون والماء الحار ينظفه لا محالة فاستعمال القلب في الشهوات يوسخ القلب ، وغسله بماء الدموع وحرقة الندم ينظفه ، ويطهره ، ويزكيه ، وكل قلب زكي طاهر فهو مقبول كما أن كل ثوب نظيف فهو مقبول ، فإنما عليك التزكية والتطهير وأما القبول فمبذول قد سبق به القضاء الأزلي الذي لا مرد له ، وهو المسمى فلاحا في قوله : قد أفلح من زكاها ومن لم يعرف على سبيل التحقيق معرفة أقوى وأجلى من المشاهدة بالبصر أن القلب يتأثر بالمعاصي والطاعات تأثرا متضادا يستعار لأحدهما لفظ الظلمة كما يستعار للجهل ويستعار للآخر لفظ النور كما يستعار للعلم وأن ، بين النور والظلمة تضادا ضروريا ، لا يتصور الجمع بينهما ، فكأنه لم يتلق من الدين إلا قشوره ، ولم يعلق به إلا أسماؤه وقلبه في غطاء كثيف عن حقيقة الدين ، بل عن حقيقة نفسه وصفات نفسه ، ومن جهل نفسه فهو بغيره أجهل ، وأعني به قلبه ; إذ بقلبه يعرف غير قلبه ، فكيف يعرف غيره وهو لا يعرف قلبه ? فمن يتوهم أن التوبة تصح ولا تقبل ، كمن يتوهم أن الشمس تطلع والظلام لا يزول والثوب يغسل بالصابون ، والوسخ لا يزول إلا أن يغوص الوسخ لطول تراكمه في تجاويف الثوب وخلله فلا يقوى الصابون على قلعه فمثال ، ذلك أن تتراكم الذنوب حتى تصير طبعا ورينا على القلب ، فمثل هذا القلب لا يرجع ولا يتوب نعم ، قد يقول باللسان تبت فيكون ذلك كقول القصار بلسانه : قد غسلت الثوب ، وذلك لا ينظف الثوب أصلا ما لم يغير صفة الثوب باستعمال ما يضاد الوصف المتمكن به فهذا حال امتناع أصل التوبة ، وهو غير بعيد ، بل هو الغالب على كافة الخلق المقبلين على الدنيا المعرضين عن الله بالكلية فهذا البيان كاف عند ذوي البصائر في قبول التوبة ولكنا نعضد جناحه بنقل الآيات والأخبار والآثار فكل استبصار لا يشهد له الكتاب والسنة لا يوثق به ، وقد قال : تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، وقال تعالى : غافر الذنب وقابل التوب إلى غير ذلك من الآيات وقال صلى الله عليه وسلم لله أفرح بتوبة أحدكم الحديث والفرح وراء القبول فهو دليل على القبول وزيادة وقال صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=661962إن الله عز وجل يبسط يده بالتوبة لمسيء الليل إلى النهار ، ولمسيء النهار إلى الليل حتى تطلع الشمس من مغربها وبسط اليد كناية عن طلب التوبة والطالب وراء القابل ، فرب قابل ليس بطالب ولا طالب إلا وهو قابل وقال صلى الله عليه وسلم : لو عملتم الخطايا حتى تبلغ السماء ثم ندمتم لتاب الله عليكم .
ويروى أن حبشيا قال : يا رسول الله ، إني كنت أعمل الفواحش فهل لي من توبة ? قال : نعم فولى ثم رجع فقال : يا رسول الله أكان يراني وأنا أعملها ? قال : نعم ، فصاح الحبشي صيحة خرجت فيها روحه .
ويروى إن الله عز وجل لما لعن إبليس سأله النظرة فأنظره إلى يوم القيامة فقال وعزتك لا خرجت من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح فقال الله تعالى وعزتي وجلالي ، لا حجبت عنه التوبة ، ما دام الروح فيه .
وقال صلى الله عليه وسلم : « إن الحسنات يذهبن السيئات كما يذهب الماء الوسخ » والأخبار في هذا لا تحصى .
وأركانها وشهدت العلامات بصحتها (فهي مقبولة لا محالة) بفضل الله تعالى، لا بطريق الوجوب; إذ لا يجب شيء على الخالق; لأنه لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا; قال الله تعالى: ولا يخاف عقباها هذا حاصل ما ذكره المصنف في هذا الفصل، وقد أخر تلك الشرائط، وكان الأولى تقديمها حتى يكون ما في هذا الفصل كالمتمم له، والإيمان بهذا واجب; لأنه من عقود الإيمان بالله تعالى .
(اعلم) أرشدك الله تعالى (أنك إذا فهمت معنى القبول لم تشك في أن كل توبة صحيحة) ، وهي المستجمعة الشروط والأركان (فهي مقبولة، فالناظرون بنور البصائر) ، وهو المفاض على القلوب (المستمدون من أنوار القرآن علموا أن كل قلب سليم) من المعاصي (مقبول عند الله تعالى، ومتنعم في الآخرة في جوار الله تعالى، ومستعد; لأن ينظر بعينه الباقية إلى وجه الله تعالى، وعلموا) أيضا (أن القلب خلق سليما في الأصل) أي: في الفطرة الأصلية، nindex.php?page=hadith&LINKID=842670 ("وكل مولود يولد على الفطرة") كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وتمامه: "فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويشركانه" الحديث، وقال: حسن صحيح، وقد تقدم .
(وإنما تفوته السلامة بكدورة ترهق وجهه) أي: تعلوه (من غبرة الذنوب وظلمتها) ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: nindex.php?page=hadith&LINKID=695122 "كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فإذا أعرب عنه لسانه; إما شاكرا، وإما كفورا"، (وعلموا أن نار الندم) المتولدة من التوجع (تحرق تلك الغبرة، وأن نور الحسنة يمحو عن وجه القلب ظلمة السيئة، وأنه لا طاقة لظلام المعاصي مع نور الحسنات، كما لا طاقة لظلام الليل مع نور النهار) ، بل ينسخه ويمحوه، (بل كما لا طاقة لكدورة الوسخ مع بياض الصابون) المتخذ من القلي والجير والزيت، (وكما أن الثوب الوسخ لا يقبله الملك لأن يكون لباسه، فالقلب) المظلم لا يقبله الله تعالى، و (لا) يليق (أن يكون في جواره) وحظيرته، (وكما أن استعمال الثوب في الأعمال الخسيسة يوسخ الثوب) ، ويدنسه، (وغسله بالصابون والماء الحار ينظفه لا محالة) ، ويزيل وسخه، (فاستعمال القلب في الشهوات يوسخ القلب، وغسله بماء الدموع وحرقة الندم ينظفه، ويطهره، ويزكيه، وكل قلب زكي طاهر فهو مقبول كما أن كل ثوب نظيف فهو مقبول، فإنما عليك التزكية والتطهير) من الأدناس والأرجاس، (وأما القبول فمبذول قد سبق به [ ص: 523 ] القضاء الأزلي الذي لا مرد له، وهو المسمى فلاحا في قوله تعالى: قد أفلح من زكاها ) أي: طهرها أي: نفسه من الشهوات الخفية، (ومن لم يعرف على سبيل التحقيق معرفة) هي (أقوى وأجلى من المشاهدة بالبصر أن القلب يتأثر بالمعاصي والطاعات تأثرا متضادا يستعار لأحدهما لفظ الظلمة كما يستعار للجهل) بجامع عدم الاهتداء، (ويستعار للآخر لفظ النور كما يستعار للعلم، وإن بين النور والظلمة تضادا ضروريا، لا يتصور الجمع بينهما، فكأنه لم يعرف من الدين إلا قشوره، ولم يتعلق به إلا أسماؤه) ، يقال: علق إذا لصق، (وقلبه في غطاء كثيف) أي: غليظ (عن) معرفة (حقيقة الدين، بل) هو في غطاء (عن) معرفة (حقيقة نفسه، ومن جهل نفسه فهو بغيره أجهل، وأعني به) أي: بغيره (قلبه; إذ بقلبه يعرف غير قلبه، فكيف يعرف غيره وهو لا يعرف قلبه؟ فمن يتوهم أن التوبة تصح ولا تقبل، كمن يتوهم أن الشمس تطلع والظلام لا يزول) هذا لا يكون، (و) كمن يتوهم أن (الثوب يغسل بالصابون، والوسخ لا يزول) اللهم (إلا أن يغوص الوسخ لطول تراكمه في تجاويف الثوب وخلله) أي: أثنائه، (فلا يقوى الصابون على قلعه، ومثال ذلك أن تتراكم الذنوب حتى يصير طبعا ورينا على القلب، فمثل هذا القلب لا يرجع ولا يتوب) ، ولا ينجع فيه تأثير، ولا يوفق بعده لغيره، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: القلب مثل الكف المفتوحة، كلما أذنب ذنبا انقبض أصبع حتى تنقبض الأصابع كلها فتشتبك على القلب، فذلك هو القفل، وسيأتي هذا للمصنف قريبا، ويقال: إن لكل ذنب نباتا ينبت في القلب، فإذا كثرت الذنوب تكاثف النبات حول القلب مثل الكم المثمرة، فانضم على القلب فذلك الغلاف، ويقال الكنان واحد الأكنة التي ذكر الله أن القلب لا يسمع معها ولا يفقه، (نعم، قد يقول باللسان) إني (تبت) الآن (فيكون ذلك كقول القصار بلسانه: قد غسلت الثوب، وذلك) أي: مجرد هذا القول (لا ينظف الثوب أصلا ما لم يغير صفة الثوب باستعمال ما يضاد الوصف المتمكن به) الراسخ فيه، (فهذا حال امتناع أصل التوبة، وهو غير بعيد، بل هو الغالب على كافة الخلق المقبلين) بهممهم (على الدنيا المعرضين عن الله بالكلية) ، وحاصل الكلام أن توبة العبد إذا وقعت على الوجه المعتبر شرعا فهي مقبولة، إلا أنها إذا كانت توبة الكافر من كفره فهي مقطوع بقبولها، وإن كانت سواها من أنواع التوبة فهل قبولها مقطوع به أو مظنون؟ فيه خلاف لأهل السنة، واختار nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين أنه مظنون، قال النووي: وهو الأصح. قال nindex.php?page=showalam&ids=12850القشيري في الرسالة: التائب من الذنب على يقين، ومن قبوله التوبة على خطر، فينبغي أن يكون دائم الحذر، (فهذا البيان كاف عند ذوي البصائر) والعقول (في قبول التوبة) ، ولا يفتقر بعده إلى تنبيه، (ولكن نعضد جناحه بنقل الآيات والأخبار والآثار) ليتأيد بها (فكل استبصار لا يشهد له الكتاب والسنة لا يوثق به، وقد قال: تعالى) في كتابه العزيز: ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ، وقال تعالى: غافر الذنب وقابل التوب إلى غير ذلك من الآيات) كقوله تعالى: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ، وكقوله: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة الآية، وكقوله فيمن رمى بنفسه في وهدة الكفر: لن تقبل توبتهم ، وكقوله: والله يريد أن يتوب عليكم ، وكقوله: إن الله يحب التوابين ، والمحبة وراء القبول، (وقال صلى الله عليه وسلم: "الله أفرح بتوبة أحدكم" الحديث) أي: إلى آخره، وقد تقدم قريبا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره، (والفرح وراء القبول فهو دليل على القبول وزيادة) ، وقد تقدم أن الفرح: لغة استرواح الصدر بلذة عاجلة، وهي محال في حقه تعالى، وإنما أريد بذلك الرضا والقبول تأكيد للمعنى في ذهن السامع، ومبالغة في تقريره، (وقال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=661962إن الله يبسط يده بالتوبة لمسيء الليل إلى النهار، ولمسيء النهار إلى الليل) ، ولا يزال كذلك [ ص: 524 ] (حتى تطلع الشمس من مغربها) ، فإذا طلعت أغلق باب التوبة، يعني: يقبل التوبة من العباد ليلا ونهارا، قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=661962 "يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار " الحديث، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=hadith&LINKID=104400 "لمسيء الليل أن يتوب بالنهار" الحديث انتهى. قلت: لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=661962 "إن الله عز وجل ليبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها". وهكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الصفات، nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ في العظمة، وأما لفظ nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني الذي أشار إليه العراقي فرواه في الأوسط من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، عن عطاء، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بلفظ: "إن الله يعرض على عبده في كل يوم نصيحة، فإن هو قبلها سعد، وإن تركها شقي، فإن الله باسط يده بالليل لمسيء النهار ليتوب، فإن تاب تاب الله عليه، وباسط يده بالنهار لمسيء الليل، فإن تاب تاب الله عليه". الحديث .
ورواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر، وابن شاهين، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري مرسلا، (وبسط اليد كناية عن طلب التوبة) وقبولها، وهو في حقه تعالى عبارة عن التوسع في الجود والتنزيه عن المنع عند اقتضاء الحكمة، (والطالب وراء القابل، فرب قابل ليس بطالب) فقبوله وإقباله على قدر حاله، (ولا طالب إلا وهو قابل) ففي الطلب قبول وزيادة عليه، (وقال صلى الله عليه وسلم: لو عملتم الخطايا حتى تبلغ السماء) أي: لكثرتها وتراكم بعضها على بعض، (ثم ندمتم لتاب الله عليكم) . قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ "لو أخطأتم" وقال: ثم تبتم. وإسناده حسن، انتهى .
قلت: لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه: nindex.php?page=hadith&LINKID=680751لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء، ثم تبتم لتاب الله عليكم، قال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري: إسناده جيد، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13194ابن زنجويه في فوائده عن الحسن بلاغا: "لو أخطأ أحدكم حتى تملأ خطيئته ما بين السماء والأرض، ثم تاب لتاب الله عليه"، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=693851 "والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله لغفر لكم" الحديث، ورجاله ثقات، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13194ابن زنجويه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=680751 "والذي نفسي بيده لو أنكم تخطئون حتى تبلغ خطاياكم السماء، ثم تتوبون لتاب الله عليكم"، وفي أوله زيادة (وقال) صلى الله عليه وسلم (أيضا: إن العبد) أي: الإنسان (ليذنب) أي: ليوقع ويفعل (الذنب فيدخل به) أي بسببه (الجنة) ; لأن الذنب مستجلب للتوبة والاستغفار الذي هو موقع محبة الله تعالى إن الله يحب التوابين ، ومن أحبه لم يدخله النار، (قيل: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يكون) ذنبه (نصب عينه) أي: مستحضرا له كأنه يشاهده أبدا (تائبا) إلى الله (منه فارا) منه إليه (حتى يدخل) به (الجنة) ; لأنه كلما ذكره طار عقله حياء من ربه حيث فعله، وهو بمرأى منه ومسمع فيجد في توبته، ويتضرع في إنابته بخاطر منكسر، وقلب حزين، والله تعالى يحب كل قلب حزين، ومن أحبه أدخله جنته ورفع منزلته. قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد عن nindex.php?page=showalam&ids=16874المبارك بن فضالة عن الحسن مرسلا، nindex.php?page=showalam&ids=12181ولأبي نعيم في الحلية من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=944078 "إن العبد ليذنب الذنب، فإذا ذكره أحزنه، فإذا نظر الله إليه أنه أحزنه غفر الله له" الحديث، وفيه nindex.php?page=showalam&ids=16205صالح المري، وهو رجل صالح، لكنه مضعف في الحديث، nindex.php?page=showalam&ids=12455ولابن أبي الدنيا في التوبة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر "إن الله ينفع العبد بالذنب يذنبه"، والحديث غير محظوظ قاله nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي، انتهى .
قلت: لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12181أبي نعيم: "غفر له ما صنع"، وتمامه قبل أن تأخذ في كفارته بلا صلاة، ولا صيام، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في تاريخ أصبهان، nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر كلاهما من طريق عيسى بن خالد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16205صالح المري، عن هشام، عن محمد، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة. قال nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم: غريب من حديث هشام، وصالح لم يكتبه إلا من حديث عيسى، (وقال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=683337 "كفارة الذنب الندامة") أي: ندامته تغطي ذنبه، والكفارة عبارة عن الفعلة والخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة، وهي فعالة للمبالغة كقرابة ومثالة، وهي من الصفات الغالبة في الاسمية، قاله الطيبي، وقال رزين: وكون الندامة تكفر الذنب خصيصة لهذه الأمة، وكانت بنو إسرائيل إذا أخطأ أحدهم حرم عليه كل طيب من الطعام، وتصبح خطيئته مكتوبة على باب داره. والحديث قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وفيه يحيى بن عمر بن مالك البكري ضعيف. انتهى .
قلت: ولكن للحديث [ ص: 525 ] بقية، وهي لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون فيغفر لهم، ويحيى بن عمر بن مالك من رجال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، قال: الذهبي كان nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد يرميه بالكذب، وأبوه عمرو بن مالك كان يسرق الحديث، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15007القضاعي أيضا في مسند nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب، وكلهم من هذا الطريق، عن nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.
(ويروى أن حبشيا قال: يا رسول الله، إني كنت أعمل الفواحش فهل لي من توبة؟ قال: نعم فولى) منصرفا (ثم رجع) على يديه (فقال: يا رسول الله أكان يراني وأنا أعملها؟ قال: نعم، فصاح الحبشي صيحة خرجت فيها روحه) حياء من الله تعالى وحشمة منه طار به عقله، ثم تبعه روحه، قال العراقي: لم أجد له أصلا، (ويروى) في بعض الأخبار (أن الله لما لعن إبليس سأله النظرة) بكسر الظاء، أي الإمهال، وذلك في قوله تعالى: فأنظرني إلى يوم يبعثون (فأنظره إلى يوم القيامة) ، وذلك قوله تعالى: فإنك من المنظرين ، (فقال) إبليس: (وعزتك لا خرجت من قلب ابن آدم ما دامت فيه الروح) أي: أصحبه إلى آخر أنفاسه وأغويه، (فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي، لا حجبت عنه التوبة، ما دامت فيه الروح) قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، وصححه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: nindex.php?page=hadith&LINKID=691652 "إن الشيطان قال: وعزتك يا رب، لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني" أورده المصنف بصيغة، ويروى كذا، ولم يعزه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرته احتياطا انتهى .
قلت: ورواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=13194ابن زنجويه، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء، (وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الحسنات يذهبن السيئات كما يذهب الماء الوسخ") . قال العراقي: لم أجده بهذا اللفظ، وهو صحيح المعنى، وهو بمعنى: أتبع السيئة الحسنة تمحها، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وتقدم قريبا، قلت: بل روى nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في الحلية من حديث nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس: "إن التوبة تغسل الحوبة، وإن الحسنات يذهبن السيئات" الحديث، فلعل المصنف أشار إلى هذا، (والأخبار في هذا) الباب يعني قبول التوبة (لا تحصى) لكثرتها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=701389 "إن الله عز وجل يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب، قيل: وما وقوع الحجاب؟ قال: تخرج النفس وهي مشركة" رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في التاريخ، nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان، nindex.php?page=showalam&ids=13889والبغوي في الجعديات، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء من حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر، وقوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=684892 "إن الله عز وجل يفتح أبواب سماء الدنيا، ثم يبسط يده: ألا عبد يسألني فأعطيه، فلا يزال كذلك حتى يسطع الفجر" رواه nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وقوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=665830 "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه nindex.php?page=showalam&ids=13194ابن زنجويه، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير من حديث عبادة، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=15545أبي أيوب بشير بن كعب. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13194ابن زنجويه، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، عن الحسن بلاغا. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن رجل من الصحابة بلفظ: "ما لم يغرغر بنفسه"، وفي رواية له: "قبل أن يموت بضحوة"، وفي أخرى له: "قبل أن يموت بنصف يوم"، وفي أخرى له "قبل أن يموت بيوم" رواه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=701344 "إن الله يقول يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك، ويا عبدي إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ما لم تشرك بي لقيتك بقرابها مغفرة"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما من أحد يتوب قبل موته بيوم إلا قبل الله توبته" رواه nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي عن رجل من الصحابة .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يتوب إلى الله عز وجل قبل الموت بشهر إلا قبل الله منه وأدنى من ذلك وقبل موته بيوم أو ساعة، يعلم الله منه التوبة والإخلاص إلا قبل الله منه" رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر.