القسم الثاني: ما لا يرتبط هجومه باختياره ، وله اختيار في دفعه ، كما لو أوذي بفعل أو قول ، وجنى عليه في نفسه أو ماله ، فالصبر على ذلك بترك المكافأة تارة يكون واجبا ، وتارة يكون فضيلة ، قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم : ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى وقال تعالى : ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون .
(القسم الثاني ما لا يرتبط هجومه باختياره، وله اختيار في دفعه، كما لو أوذي بفعل أو قول، وجنى عليه نفيه أو ماله، فالصبر على ذلك بترك المكافأة تارة يكون واجبا، وتارة يكون فضيلة، قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم: ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى) . ولفظ القوت: قال بعض العلماء: ما كنا نعد إيمان من لم يؤذ فيتحمل الأذى ويصبر عليه إيمانا، وقد فعل الله ذلك، قال اختبارا، وأخبر أن ذلك ليس منه عذابا، وإنما هو فتنة وبلاء من الناس، فصار ذلك فتنة عليهم، وابتلاء لهم، فصار رحمة للمؤذى، وخيرا في قوله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ، أى: ليس ذلك عذابا إنما هو رحمة باطنة كقوله تعالى: وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا ، أي: لم أهنك بالفقر، كما لم أكرم الآخر بالنعيم إكراما، وعلى هذا خاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالصبر الذي أمره به، فقال: اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ، فسلاه به وفضله عليه .
(ورأيت في الإنجيل، قال عيسى ابن مريم: لقد قيل لكم) يعني في التوراة وغيره من كتب السماء (من قبل: إن السن بالسن، والأنف بالأنف، وأنا أقول لكم: لا تقاوموا الشر بالشر بل من ضرب خدك الأيمن فحول إليه الخد الأيسر، ومن أخذ رداءك فأعطه إزارك، ومن سخرك لتسير معه ميلا فسر معه ميلين. وكل ذلك أمر بالصبر على الأذى، فالصبر على أذى الناس من أعلى مراتب الصبر) ، وقد تقدم أنه أول مقام من مقامات الرضا (لأنه يتعاون فيه على باعث الدين وباعث الشهوة والغضب جميعا) .