وهو المقام الثالث من مقامات اليقين (وله أركان ثلاثة: الأول في فضيلة الشكر وحقيقته وأقسامه وأحكامه، الثاني في حقيقة النعمة وأقسامها الخاصة والعامة، الثالث في بيان الأفضل من الشكر والصبر .
الركن الأول في نفس الشكر) وفيه بيان فضيلته وحقيقته وأحكامه وأقسامه .
(بيان فضيلة الشكر)
(اعلم) وفقك الله تعالى (أن الله تعالى قرن الشكر بالذكر في كتابه) العزيز، وأمر به، (مع أنه) تعالى عظم الذكر حيث (قال: ولذكر الله أكبر ، فقال تعالى: فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) فصار الشكر أكبر لاقترانه به، ورضي بالشكر مجازاة من عباده لفرط كرمه، لأن قوله تعالى: فاذكروني أذكركم واشكروا لي خرج في لفظ المجازاة لتحقق الأمر، وتعظيم الشكر، لأن الفاء للشرط والجزاء، والكاف المتقدمة للتمثيل، فقوله تعالى: "فاذكروني" متصل بقوله: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم فاذكروني أذكركم واشكروا لي والمعنى كمثل ما أرسلت فيكم رسولا منكم فاشكروا، وهم يكتفون عن مثل بالكاف كما يكتفون عن سوف بالسين، وهذا تفضيل للشكر عظيم لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى .