فانظر كيف كان يسوق الخلق بسياط الخوف ، ويقودهم بأزمة الرجاء إلى الله تعالى ؛ إذ ساقهم بسياط الخوف أولا ، فلما خرج ذلك بهم عن حد الاعتدال إلى إفراط اليأس داواهم بدواء الرجاء ، وردهم إلى الاعتدال والقصد ، والآخر لم يكن مناقضا للأول ، ولكن ذكر في الأول ما رآه سببا للشفاء واقتصر عليه ، فلما احتاجوا إلى المعالجة بالرجاء
(فانظر كيف كان) صلى الله عليه وسلم (يسوق الخلق بسياط الخوف، ويقودهم بأزمة الرجاء إلى الله تعالى؛ إذ ساقهم بسياط الخوف أولا، فلما خرج ذلك بهم عن حد الاعتدال إلى) حد (إفراط اليأس داواهم بدواء الرجاء، وردهم إلى الاعتدال والقصد، والآخر لم يكن مناقضا للأول، ولكن ذكر في الأول ما رآه سببا للشفاء واقتصر عليه، فلما احتاجوا إلى المعالجة بالرجاء ذكر تمام الأمر. فعلى الواعظ) على العامة (أن يقتدي بسيد الوعاظ) صلى الله عليه وسلم (فيتلطف في استعمال أخبار الخوف والرجاء بحسب الحاجة) إليها (بعد ملاحظة العلل الباطنة، وإن لم يراع ذلك كان ما يفسد بوعظه أكثر ما يصلحه) .
قال صاحب القوت: "مقام الرجاء هو جند من جنود الله تعالى، يستخرج من بعض العباد ما لا يستخرج غيره؛ لأن بعض القلوب تلين وتستجيب عن مشاهدة الكرم والإحسان، ويقبل ويطمئن معاملة النعم والامتنان، ما لا يوجد ذلك منها عند التخويف والترهيب، بل قد يقطعها ذلك ويوحشها؛ إذ جعل الرجاء طريقها، فوجدت فيه قلوبها. ومثل الرجاء في الأحوال مثل العوافي، والغني في الإنسان، من الناس من يقبل قلبه ويجتمع همه عندهما، ويوجد نشاطه وتحسن معاملته بهما، كما قيل عن الله تعالى: إن من عبادي ما لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، ومن عبادي ما لا يصلحه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك، إني أدبر عبادي بعلمي، إني بهم عليم خبير، فكذلك من عبادي من لا يصلحه إلا الرجاء، ولا يستقيم قلبه إلا عليه، ولا تحسن معاملته إلا بوجود حسن [ ص: 183 ] الظن به، فهو طريقه ومقامه منه، ومنه عمله به، وعنده يجد قلبه معه".
قلت: وفي لفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=944478لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب، هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي في مساوئ الأخلاق، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في تاريخه، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم، ورواه الديلمي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد. قال صاحب القوت: ولعمري إن العجب من صفات النفس المتكبرة، وهو يحبط الأعمال، وهو من كبار أعمال القلوب والذنوب من أخلاق النفس الشهوانية، ولأن يبتلى العبد الشهواني بعشر شهوات من شهوات النفس خير له من أن يبتلى بصفة من صفات النفس مثل الكبر والعجب والبغي والحسد وحب المدح وطلب الذكر؛ لأن هذه منها معاني صفات الربوبية، ومنها أخلاق الأبالسة، وبها هلك إبليس، وشهوات النفس من وصف الخلقة، وبها عصى آدم ربه فاجتباه بعدها وهدى .
(وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لله أرحم بعبده المؤمن من الوالدة الشفيفة بولدها) قال العراقي: متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بنحوه. (وفي الخبر: nindex.php?page=hadith&LINKID=911190ليغفرن الله تعالى يوم القيامة مغفرة ما خطرت قط على قلب أحد حتى إن إبليس ليتطاول لها رجاء أن تصيبه) . قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله من حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بإسناد ضعيف اهـ .
(وفي الخبر: إن لله مائة رحمة، ادخر منها تسعا وتسعين رحمة، وأظهر منها في الدنيا رحمة واحدة فيها يتراحم الخلق، فتحن الوالدة إلى ولدها، وتعطف البهيمة على ولدها، فإذا كان يوم القيامة ضم هذه الرحمة إلى التسعة والتسعين ثم يبسطها على جميع خلقه، وكل رحمة منها طباق السموات والأرض، قال: فلا يهلك على الله يومئذ إلا هالك) . قال العراقي: متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة اهـ .
ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داوود nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=914528الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق يزيد الرقاشي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: قلنا: يا رسول الله، لمن تشفع؟ قال: لأهل الكبائر من أمتي، وأهل العظائم، وأهل الدماء. ومن طريق زياد النميري عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=914528إن شفاعتي أو إن الشفاعة لأهل الكبائر. وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14724الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في صحاحهم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم في الحلية nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء، كلهم من طريق زهير بن محمد عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عنه. وقد رواه عن زهير nindex.php?page=showalam&ids=16697عمرو بن أبي سلمة ومحمد بن ثابت البناني nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في التاريخ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في الإفراد، nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب في التاريخ، وفي البعث nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=910040قلت: يا رسول الله، الشفاعة الشفاعة؟ فقال: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير، وقد روى عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ولكن بلفظ الذنوب بدل الكبائر، رواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في التاريخ ولفظه: شفاعتي لأهل الذنوب من أمتي، قال nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء: وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم، وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء.
(وقال صلى الله عليه وسلم: بعثت بالحنيفية السمحة السهلة) قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة بسند ضعيف دون قوله: السهلة، وله nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=930458أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، وفيه nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق رواه بالعنعنة اهـ .
قلت: ترجم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه: باب أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، وقد رواه أيضا بدون [ ص: 185 ] لفظ السهلة الديلمي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وابن سعد في الطبقات عن nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت مرسلا، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب nindex.php?page=showalam&ids=12938وابن النجار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بزيادة: ومن خالف سنتي فليس مني، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=930458أحب الدين... إلخ. فرواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب المفرد، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من طريق داوود بن الحصين عن عكرمة عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=930456قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله تعالى؟ قال: الحنيفية السمحة. وله طرق، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن جده، ورواه بزيادة: nindex.php?page=hadith&LINKID=687332فإذا رأيت أمتي لا يقولون للظالم أنت ظالم فقد تودع منهم. nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم. والنرسي في الغرائب nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر، nindex.php?page=showalam&ids=12168وأبو موسى المديني في المعرفة من حديث أسعد بن عبد الله بن مالك الخزاعي.
(وروى) أبو القاسم (محمد بن) علي بن أبي طالب الهاشمي المدني ابن (الحنفية) منسوب إلى أمه من بني حنيفة، ثقة عالم، مات بعد الثمانين (عن) أبيه nindex.php?page=showalam&ids=8 (علي رضي الله عنه أنه قال: لما نزل قوله تعالى: فاصفح الصفح الجميل قال) صلى الله عليه وسلم: (يا جبريل، وما الصفح الجميل؟ قال: إذا عفوت عمن ظلمك فلا تعاتبه، فقال: يا جبريل، فالله تعالى أكرم من أن يعاتب من عفا عنه، فبكى جبريل، وبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث الله إليهما ميكائيل عليه السلام، وقال: إن ربكما يقرئكما السلام ويقول: كيف أعاتب من عفوت عنه، هذا ما لا يشبه كرمي) . هكذا هو في القوت، وقال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه في التفسير موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=8علي مختصرا، قال: الرضا بغير عتاب، ولم يذكر بقية الحديث، وفي إسناده نظر انتهي .
قلت: وكذلك رواه ابن النحاس من قول nindex.php?page=showalam&ids=8علي، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب من قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.