إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
المقام الثاني أن يقعد في بيته أو في مسجد ولكنه في القرى والأمصار وهذا أضعف من الأول لكنه ، أيضا متوكل ؛ لأنه تارك للكسب والأسباب الظاهرة ، معول على فضل الله تعالى في تدبير أمره من جهة الأسباب الخفية ، ولكنه بالقعود في الأمصار متعرض لأسباب الرزق ، فإن ذلك من الأسباب الجالبة إلا أن ذلك لا يبطل توكله إذا كان نظره إلى الذي يسخر له سكان البلد لإيصال رزقه إليه ، لا إلى سكان البلد ؛ إذ يتصور أن يغفل جميعهم عنه ويضيعوه لولا فضل الله تعالى بتعريفهم وتحريك دواعيهم المقام الثالث : أن يخرج ويكتسب اكتسابا على الوجه الذي ذكرناه في الباب الثالث والرابع من كتاب آداب الكسب وهذا السعي لا يخرجه أيضا عن مقامات التوكل إذا لم يكن طمأنينة نفسه إلى كفايته وقوته وجاهه وبضاعته فإن ذلك ربما يهلكه الله تعالى جميعه في لحظة ، بل يكون نظره إلى الكفيل الحق بحفظ جميع ذلك وتيسير أسبابه له ، بل يرى كسبه وبضاعته وكفايته بالإضافة إلى قدرة الله تعالى ، كما يرى القلم في يد الملك الموقع فلا يكون نظره إلى القلم ، بل إلى قلب الملك أنه بماذا يتحرك وإلى ماذا يميل وبم ؟ يحكم ؟ ثم إن كان هذا المكتسب مكتسبا لعياله أو ليفرق على المساكين فهو ببدنه مكتسب وبقلبه عنه منقطع ، فحال هذا أشرف من حال القاعد في بيته .


(المقام الثاني أن يقعد في بيته أو مسجد) من مساجد المسلمين (ولكنه في القرى والأمصار فهذا أضعف من الأول، ولكنه أيضا متوكل؛ لأنه تارك للكسب والأسباب الظاهرة، معول على فضل الله تعالى في تدبير أمره من جهة الأسباب الخفية، ولكنه بالقعود في الأمصار متعرض لأسباب الرزق، فإن ذلك من الأسباب الجالبة) للرزق (إلا أن ذلك لا يبطل في توكله إذا كان نظره إلى الذي سخر له سكان البلد لإيصال رزقه إليه، لا إلى سكان البلد؛ إذ يتصور أن يغفل جميعهم عنه) ويشتغلوا عنه (ويضيعوه) فلا يلتفوا إليه (لولا فضل الله تعالى بتعريفهم) له (وتحريك دواعيهم) إلى إكرامه (المقام الثالث: أن يخرج ويكتسب اكتسابا على الوجه الذي ذكرناه في الباب الثالث والرابع من كتاب آداب الكسب) والمعاش، (وهذا السعي لا يخرجه أيضا عن مقامات التوكل إذا لم يكن طمأنينة نفسه إلى كفايته وقوته وجاهه وبضاعته فإن ذلك على عرض أن يهلك) وفي نسخة: فإن ذلك ربما يهلكه (الله تعالى بيمينه في لحظة، بل يكون نظره إلى الكفيل الحق) والوكيل المطلق جل جلاله (بحفظ جميع ذلك وتيسير أسبابه له، بل يرى كسبه وبضاعته وكفايته بالإضافة إلى قدرة الله تعالى، كما يرى القلم في يد الملك الموقع) على الكاغد (فلا يكون نظره إلى القلم، بل إلى قلب الملك) الموقع (أنه بما يتحرك وإلى ماذا يميل؟ وبكم يحكم؟) فالنظر إلى القلب دون الملك قصور [ ص: 481 ] وجهل، (ثم إن كان هذا المكتسب مكتسبا لعياله) إن كان معيلا، (أو ليفرق على المساكين) إن كان منفردا (فهو ببدنه مكتسب وبقلبه عنه منقطع، فحال هذا أشرف من حال القاعد في بيته) ، أو في مسجد أشار إليه الخواص في كتاب التوكل، وسيأتي قريبا بيان عبارته .

التالي السابق


الخدمات العلمية