قال البراء بن عازب خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره منكسا رأسه ، ثم قال : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثا ، ثم قال : إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة بعث الله ملائكة كأن وجوههم الشمس معهم حنوطه وكفنه فيجلسون مد بصره فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وفتحت أبواب السماء فليس منها باب إلا يحب أن يدخل بروحه منه ، فإذا صعد بروحه قيل : أي رب عبدك فلان فيقول أرجعوه : فأروه ما أعددت له من الكرامة فإني وعدته منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية ، وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حتى يقال : يا هذا ، من ربك ؟ وما دينك ؟ وما نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ونبيي ، محمد صلى الله عليه وسلم ، قال فينتهرانه : انتهارا شديدا ، وهي آخر فتنة تعرض على الميت ، فإذا قال ذلك : نادى مناد أن قد صدقت وهي معنى قوله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت الآية ، ثم يأتيه آت حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول : أبشر برحمة ربك وجنات فيها نعيم مقيم فيقول : وأنت فيبشرك الله بخير : من أنت فيقول : أنا عملك الصالح، والله ما علمت أن كنت لسريعا إلى طاعة الله بطيئا عن معصية الله فجزاك الله خيرا قال : ثم ينادي مناد أن افرشوا له من فرش الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة ، فيفرش له من الجنة ، ويفتح له باب إلى الجنة فيقول : اللهم عجل قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي ، قال : وأما الكافر فإنه إذا كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة غلاظ شداد معهم ثياب من نار وسرابيل من قطران فيحتوشونه فإذا خرجت نفسه لعنه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء وغلقت أبواب السماء فليس بها باب إلا يكره أن يدخل بروحه منه فإذا صعد بروحه نبذ وقيل : أي رب عبدك فلان لم تقبله سماء ولا أرض فيقول الله عز وجل: أرجعوه : فأروه ما أعددت له من الشر إني وعدته منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية ، وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حتى يقال له : يا هذا من ربك ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ ؟ فيقول : لا أدري فيقال : لا دريت ، ثم يأتيه آت قبيح الوجه منتن الريح قبيح الثياب ، فيقول : أبشر بسخط من الله وبعذاب أليم مقيم فيقول : بشرك الله شرا من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث والله إن كنت لسريعا في معصية الله بطيئا عن طاعة الله فجزاك الله شرا فيقول : وأنت فجزاك الله شرا ، ثم يقيض له أصم أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو اجتمع عليها الثقلان على أن يقلوها لم يستطيعوا لو ضرب بها جبل صار ترابا فيضربه بها ضربة فيصير ترابا ، ثم تعود فيه الروح فيضربه بها بين عينيه ضربة يسمعها من على الأرضين ليس الثقلين قال : ثم ينادي مناد أن افرشوا له لوحين من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيفرش له لوحان من نار ويفتح له باب إلى النار وقال محمد بن علي ما من ميت يموت إلا مثل له عند الموت أعماله الحسنة وأعماله السيئة قال : فيشخص إلى حسناته ويطرق عن سيئاته .
انتهى وهذا يدل على أن عصاة المسلمين لا يعذبون سوى جمعة واحدة أو دونها وأنهم إذا وصلوا إلى يوم الجمعة انقطع، ثم لا يعود وهو يحتاج إلى دليل، وقال ابن القيم في البدائع: نقلت من خط القاضي أبي يعلى في تعاليقه: لا بد من انقطاع عذاب القبر لأنه من عذاب الدنيا والدنيا وما فيها تنقطع فلا بد أن يلحقهم الفناء والبلى ولا يعرف مقدار مدة ذلك، قال السيوطي: ويؤيد ذلك ما رواه هناد في الزهد عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: للكفار هجعة يجدون فيها طعم النوم حتى يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور يقول الكافر: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا؟ فيقول المؤمن إلى جنبه: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون (قال البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي صحابي ابن صحابي نزل الكوفة مات سنة اثنتين وسبعين (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قبره منكسا رأسه، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثة، ثم قال: إن المؤمن إذا كان في) انقطاع من الدنيا و (قبل من الآخرة) أي: إقبال منها (بعث الله) إليه (ملائكة كأن وجوههم الشمس) أي في الإضاءة والإنارة (معهم حنوطه وكفنه فيجلسون مد بصره) أي [ ص: 399 ] حيث ينتهي إليه بصره (فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء) أي: من غير الذين بعثوا إليه (وفتحت أبواب السماء فليس منها باب إلا أنه يحب أن يدخل بروحه منه، فإذا صعد بروحه قيل: أي رب عبدك فلان فيقول: أرجعوه فأروه ما أعددت له من الكرامة فإني وعدته منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية، وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حتى يقال: يا هذا، من ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟ فيقول: ربي هو الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فينتهرانه انتهارا شديدا، وهي آخر فتنة تعرض على الميت، فإذا قال ذلك: نادى مناد أن قد صدقت وهو معنى قوله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت الآية، ثم يأتيه آت حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول: أبشر برحمة الله من ربك وجنات فيها نعيم مقيم فيقول: وأنت فيبشرك الله بخير: من أنت فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: والله ما علمت أن كنت لسريعا في طاعة الله بطيئا عن معصية الله فجزاك الله خيرا قال: ثم ينادي مناد أن افرشوا له من فرش الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيفرش له من الجنة، ويفتح له باب إلى الجنة فيقول: اللهم عجل قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي، قال: وأما الكافر فإنه إذا كان في قبل من الدنيا وانقطاع من الآخرة نزلت إليه ملائكة غلاظ شداد معهم ثياب من نار وسرابيل من قطران فيحتوشونه فإذا خرجت نفسه لعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء وغلقت أبواب السماء فليس منها باب إلا يكره أن يدخل بروحه منه فإذا صعد بروحه نبذ) أي: طرح (وقيل: أي رب عبدك فلان لم تقبله سماء ولا أرض فيقول: أرجعوه فأروه ما أعددت له من الشر) أي: وأنواع العذاب (إني وعدته منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية، فإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حتى يقال له: يا هذا من ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟ فيقول: لا أدري فيقال: لا دريت، ثم يأتيه آت قبيح الوجه منتن الريح قبيح الثياب، فيقول: أبشر بسخط من الله وبعذاب أليم مقيم فيقول: بشرك الله بشر من أنت؟ فيقول: أنا عملك الخبيث والله إن كنت لسريعا في معصية الله بطيئا عن طاعة الله فجزاك الله شرا فيقول: وأنت فجزاك الله شرا، ثم يقيض له أصم أبكم معه مرزبة من حديد لو اجتمع عليها الثقلان على أن يقلوها) أي: يحملوها (لم يستطيعوا) ذلك (لو ضرب بها جبل صار ترابا فيضربه بها ضربة فيصير ترابا، ثم تعود إليه الروح فيضرب بها بين عينيه ضربة يسمعها من على الأرض ليس الثقلين) الجن والإنس (قال: ثم ينادي مناد أن افرشوا له لوحين من نار وافتحوا له بابا إلى النار فيفرش له لوحان من نار ويفتح له باب إلى النار) .
قال السيوطي في أمالي الدرة: هذا حديث صحيح أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود بطوله nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طرق عن المنهال مختصرا وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بالمنهال وزاذان قال: وله شواهد يستدل بها على صحته وقال الحافظ العراقي متعقبا عليه: لم يحتج مسلم بالمنهال ولا روى له في صحيحه شيئا، وقد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي والعجلي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وغيرهم، ولم يحتج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بزاذان، وإنما روى له في الأدب المفرد ووثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وغيره، قال السيوطي: ليس مراد الحاكم أن كلا الشيخين احتجا بكل من المنهال وزاذان، وإنما عبر بلف ونشر مجمل ومراده أن واحدا منهما احتج بالمنهال والآخر بزاذان ونظير ذلك قوله تعالى: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى أي: قال اليهود الأول والنصارى الثاني لكن أهل الحديث غالبا لا يتأملون دقائق هذه العبارات لعدم اعتنائهم بها وإنما ذلك دأب أهل البيان والبديع. اهـ .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده هكذا مختصرا في كتاب الأحوال (وقال) أبو جعفر (محمد بن علي) بن الحسين بن علي، رضي الله عنه: (ما من ميت يموت إلا تمثل له عند الموت أعماله الحسنة وأعماله السيئة قال: فيشخص) أي يرفع بصره (إلى حسناته) أي: فرحا بها (ويطرف) أي: يغض بصره (عن سيئاته) أي: تندما منها، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في كتاب الموتى وروي أيضا عن الحسن في قوله تعالى: ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر قال: ينزل عند الموت حفظته فتعرض عليه الخير والشر فإذا رأى حسنة بهش وأشرق وإذا رأى سيئة غضب وقطب، وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: بلغنا أن نفس المؤمن لا تخرج حتى يعرض عليه عمله خيره وشره.