ثم تفكر في ازدحام الخلائق واجتماعهم حتى ازدحم على الموقف أهل السماوات السبع والأرضين السبع من ملك وجن وإنس وشيطان ووحش وسبع وطير فأشرقت عليهم الشمس وقد تضاعف حرها وتبدلت عما كانت عليه من خفة أمرها ، ثم أدنيت من رءوس العالمين كقاب قوسين فلم يبق على الأرض ظل إلا ظل عرش رب العالمين .
وهو محركة: ما سال من بدن الإنسان مما تخرجه فوهات العروق ومسامها. قال ابن فارس: ولم يسمع له جمع .
(ثم تفكر) يا مسكين (في ازدحام الخلائق واجتماعهم حتى ازدحم على الموقف أهل السموات السبع و) أهل (الأرضين السبع من ملك وجن وإنس وشيطان ووحش وسبع وطير) أولهم وآخرهم بحيث لا يشذ منهم أحد (فأشرقت عليهم الشمس وقد تضاعف حرها) واشتد وهجها (وتبدلت عما كانت عليه من خفة أمرها، ثم أدنيت من رءوس العالمين كقاب قوسين) كناية عن كمال القرب، يقال: إنها تكون منهم على ميل، كما سيأتي .
روى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان قال بعد أن ساق كل ما ذكر قريبا: ولا يضر حرها مؤمنا ولا مؤمنة، قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : المراد من يكون كامل الإيمان كما يدل عليه حديث المقداد وغيره أنهم يتفاوتون في ذلك بحسب أعمالهم .
(فمن بين مستظل بالعرش) وهم أصناف ذوو خصال متعددة كما وردت به الأخبار، وقد جمعها الحافظ ابن حجر في أماليه، ثم أفردها بكتاب سماه "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال" ثم ألف في ذلك بعده nindex.php?page=showalam&ids=14467الحافظ السخاوي والحافظ السيوطي ومجموعها نحو تسعين خصلة (وبين مضح لحر الشمس قد صعرته) أي: أحرقته (بحرها واشتد كربه وغمه من وهجها) محركة هو شدة اللهيب .
(ثم تدافعت الخلائق ودفع بعضها بعضا لشدة الزحام واختلاف الأقدام) حتى إنه ما يملك أحد منهم إلا موضع قدميه كما جاء في الخبر (وانضاف إليه شدة الخجلة والحياء) واحتراق القلوب (من الافتضاح والاختزاء عند العرض على جبار السماء) جل جلاله (فاجتمع وهج الشمس وحر الأنفاس واحتراق القلوب بنار الحياء والخوف ففاض العرق) أي: سال (من أصل كل شعرة حتى سال على صعيد القيامة) وهو موقفهم (ثم ارتفع إلى أبدانهم على قدر منازلهم عند الله فبعضهم بلغ العرق ركبتيه وبعضهم حقويه، وبعضهم إلى شحمة أذنيه، وبعضهم كاد يغيب فيه، قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ) -رضي الله عنهما- (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يوم يقوم الناس لرب [ ص: 458 ] العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه) . قال العراقي : متفق عليه، قلت: رواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=17259وهناد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13507وابن مردويه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=654557يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وفيه أبو طيبة عيسى بن سليمان الجرجاني . ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : لا أظن أنه كان يتعمد الكذب لكن لعله يشبه عليه. اهـ .
أما حديث أبي أمامة فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12289وابن منيع nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني : nindex.php?page=hadith&LINKID=702007تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا، تغلي منه الهوام كما تغلي القدور على الأثافي، يعرقون منها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق، والهوام جمع هامة، وهي قمة الرأس .
(فتأمل يا مسكين في عرق أهل المحشر وشدة كربهم وإن فيهم من ينادي ويقول: رب ارحمني من هذا الكرب والانتظار ولو إلى النار) فيود أن يذهب إلى النار ولا يصطلي بنار الانتظار، ومن هنا قولهم: الوقوع في البلاء ولا الانتظار فيه، وقولهم: الانتظار أشد من النار .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=944821أن الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة حتى يقول: يا رب ارحمني ولو إلى النار. وهذا صريح في أن ذلك كله في الموقف (وكل ذلك ولم يلقوا بعد [ ص: 459 ] حسابا ولا عقابا) ولم يظهر لهم عاقبة الأمر (فإنك واحد منهم ولا تدري إلى أين يبلغ بك العرق؟) وما أظن إلا أنه يلجمك إلجاما إلا أن يتداركك الله بعفوه .
(واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام وتردد في قضاء حاجة مسلم وتحمل مشقة في أمر بمعروف ونهي عن منكر فيستخرجه الحياء والخوف) غدا (في صعيد القيامة ويطول فيه الكرب) وتشتد المشقة (ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور لعلم أن تعب العرق في تحمل مصاعب الطاعات أهون أمرا وأقصر زمانا من عرق الكرب والانتظار في القيامة فإنه يوم شديد) كربه (طويلة مدته) وإليه يشير قوله تعالى: ليوم عظيم .