ثم انظر إلى تفاوت الدركات ، فإن الآخرة أكبر درجات ، وأكبر تفضيلا ، فكما أن إكباب الناس على الدنيا يتفاوت فمن منهمك مستكثر كالغريق فيها ومن خائض فيها إلى حد محدود فكذلك تناول النار لهم متفاوت ، فإن الله لا يظلم مثقال ذرة فلا تترادف أنواع العذاب على كل من في النار كيفما كان ، بل لكل واحد حد معلوم على قدر عصيانه ، وذنبه ، إلا أن أقلهم عذابا ، لو عرضت عليه الدنيا بحذافير لافتدى بها من شدة ما هو فيه ما هو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أدنى أهل النار عذابا يوم القيامة ، ينتعل بنعلين من نار ، يغلي دماغه من حرارة نعليه فانظر الآن إلى من خفف عليه ، واعتبر بمن ، شدد عليه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك يؤتى بأنعم الناس في الدنيا من الكفار ، فيقال : اغمسوه في النار غمسة ، ثم يقال له : هل رأيت نعيما قط فيقال ؟ : لا ، ويؤتى بأشد الناس ضرا في الدنيا ، فيقال : اغمسوه في الجنة غمسة ، ثم يقال له : هل رأيت ضرا قط ؟ فيقول : لا وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ، ثم تنفس رجل من أهل النار لماتوا .
(ثم انظر إلى تفاوت الدركات، فإن الآخرة أكبر درجات، وأكبر تفضيلا، فكما أن إكباب الناس على الدنيا يتفاوت) تفاوتا مختلفا، (فمن منهمك) عليها، (مستكثر) منها، (كالغريق فيها) ، لا يستفيق من انهماكه، (ومن خائض فيها إلى حد محدود) ، أي: معلوم، (فكذلك تناول النار لهم متفاوت، فإن الله لا يظلم مثقال ذرة) ، أي: خيرا أو شرا، (فلا تترادف أنواع العذاب على كل من في النار كيف كان، بل لكل واحد حد معلوم) ، لا يتعدى (على قدر عصيانه، وذنبه، إلا أن أقلهم عذابا، لو عرضت عليه الدنيا بحذافيرها لافتدى به من شدة ما هو فيه) ، فقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، في أثناء حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=hadith&LINKID=693531يقول الله تعالى لرجل من أهل النار: أتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا، فيقول: أي رب نعم، فيقول: قد كذبت... الحديث .
(قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أدنى أهل النار عذابا يوم القيامة، ينتعل بنعلين من نار، يغلي دماغه من حرارة نعليه ) . قال العراقي : متفق عليه، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير، اهـ .
(فانظر الآن إلى من خفف عنه، واعتبر به، ومن شدد عليه، ومهما تشككت في شدة عذاب النار، فقرب أصبعك من النار، وقس ذلك به) ، كما كان يفعله nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والأحنف بن قيس، وقد تقدم .
(ثم اعلم أنك أخطأت في القياس، فإن نار الدنيا لا تناسب نار جهنم) ، ولا تقاربها، (ولكن لما كان أشد عذاب في الدنيا عذاب هذه النار، عرف عذاب جهنم بها) ، تقريبا للأذهان، (وهيهات، لو وجد أهل الجحيم مثل هذه النار لخاضوها طائعين، هربا مما هم فيه، وعن هذا عبر في بعض الأخبار، حيث قيل: إن نار الدنيا غسلت بسبعين ماء من مياه الرحمة، حتى أطاقها أهل الدنيا) . قال العراقي : ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وهذه النار قد ضربت بماء البحر سبع مرات، ولولا ذلك ما انتفع بها. nindex.php?page=showalam&ids=13863وللبزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، بسند ضعيف: وما وصلت إليكم، حتى أحسبه قال: نفجت مرتين بالماء لتضيء لكم، اهـ .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث مثله، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، من طريق سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج، عنه، وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، موقوفا، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، بلفظ: ولولا أنها ضربت في اليم سبع مرات، لما انتفع بها بنو آدم . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، رفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=653025نار بني آدم التي يوقدون، جزء من سبعين جزأ من نار جهنم، فقالوا: يا رسول الله، إن كانت لكافية، قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزأ . وهو حديث صحيح، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عن قتيبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15290المغيرة بن عبد الرحمن، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في البعث بمثله، وقوله: بتسعة وستين، قال العراقي في شرح التقريب: وقفت على نسخة صحيحة من المفهم بتسعة وتسعين، وعليها خط المصنف، وصوابه: وستين، فهو الذي في الحديث، ولعل التسعين سبق قلم من الناسخ، وما قيل: من أن المذكور أولا بالنسبة للقدر، والعدد، وثانيا بالنسبة للحد، غير متعين، والذي يظهر أن الكلام أولا وثانيا إنما هو بالنسبة للحد; ولهذا قال في الأول: جزء واحد من تسعين جزأ من حر جهنم، ولا يضر تأكيد الكلام، وتكرره، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر تفضيل جهنم في الحر بهذه الأجزاء، وقال الصحابة: إن حر نار الدنيا كان كافيا في العقوبة والانتقام، أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أخبر به أولا بعد سؤال الصحابة، وقال إنها فضلت عليها بهذا القدر في الجزاء، والله أعلم .
(بل صرح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصفة نار جهنم فقال: nindex.php?page=hadith&LINKID=664886أمر الله تعالى أن يوقد على النار ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة) . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب: أخبرنا أبو الحسن ابن عبدان، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا الكديمي هو محمد بن يونس، حدثنا سهل بن حماد، حدثنا مبارك ابن فضالة، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، قال: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: وقودها الناس والحجارة فقال: أوقد عليها ألف عام حتى احمرت، وألف عام حتى ابيضت، وألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، قال: وبين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل أسود، يهتف بالبكاء، فنزل جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد من هذا الباكي بين يديك؟ قال: رجل من الحبشة، وأثنى عليه معروفا، قال: فإن الله يقول: وعزتي وجلالي، وارتفاعي فوق عرشي، [ ص: 514 ] لا تبكي عين عبد في الدنيا من مخافتي إلا أكثرت ضحكها معي في الجنة . رجاله ثقات إلا nindex.php?page=showalam&ids=15062الكديمي، ولأوله شاهد، قال يعقوب بن سفيان في مسنده: حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا يحيى بن أبي بكر، أخبرنا شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، رفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=680824أوقدت النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة . أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، عن العباس به، وقال: لا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى، عن شريك .
ثم رواه من طريق أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة موقوفا، وقال: هذا أصح، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث، من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن علقمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن كعب، وقال: هذا أصح، فتبين بهذا أنه من الإسرائيليات، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، أنه قال: أترونها حمراء مثل ناركم هذه التي توقدون، إنها لأشد سوادا من القار . هذا موقوف صحيح، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث، من طريق عبد العزيز بن سهيل، مرفوعا .
(وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) -رضي الله عنه- (لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون، ثم تنفس رجل من أهل النار لماتوا) . وهذا أيضا ذكره موقوفا، وهو مرفوع من حديثه، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار، nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في البعث، بلفظ: لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون، وفيه رجل من أهل النار فتنفس، فأصابهم نفسه لأحرق المسجد ومن فيه .