قال
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا: "الشيء يكون محسوسا عندما يشاهد، ثم يكون متخيلا عند غيبته بتمثل صورته في الباطن، كزيد الذي أبصرته مثلا، إذا غاب عنك فتخيلته، وقد يكون معقولا عندما يتصور من زيد مثلا معنى الإنسان الموجود أيضا لغيره. وهو عندما يكون محسوسا تكون غشيته غواش غريبة عن ماهيته، لو أزيلت عنه لم تؤثر في كنه ماهيته، مثل: أين، ووضع وكيف، ومقدار بعينه، لو
[ ص: 25 ] توهمت بدله غيره لم يؤثر في حقيقة ماهية إنسانيته. والحس يناله من حيث هو مغمور في هذه العوارض التي تلحقه بسبب المادة التي خلق منها، لا يجردها عنه، ولا يناله إلا بعلاقة وضعية بين حسه ومادته، ولذلك لا يتمثل في الحس إلا ظاهر صورته إذا زال.
وأما الخيال الباطن فيتخيله مع تلك العوارض، لا يقتدر على تجريده المطلق عنها، لكنه يجرده عن تلك العلاقة المذكورة التي يتعلق بها الحس، فهو يتمثل صورته مع غيبوبة حاملها.
وأما العقل فيقتدر على تجريد الماهية المكنوفة باللواحق الغريبة المشخصة مستثبتا إياها حتى كأنه عمل بالمحسوس عملا جعله معقولا. وأما ما هو في ذاته بريء عن الشوائب المادية، ومن اللواحق
[ ص: 26 ] الغريبة، التي لا تلزم [ماهيته عن ماهيته]، فهو معقول لذاته، ليس يحتاج إلى عمل يعمل به، يعده لأن يعقل ما من شأنه أن يعقله، بل لعله في جانب ما من شأنه أن يعقله".
قلت: هذا الكلام هو من أصول أقوالهم، ومنه وقعوا في الاشتباه والالتباس، حتى صاروا في ضلال عظيم.