فالتخيل لصور المحسوسات، والوهم لما فيها من المعاني، والجذب يكون إلى التوهمات المناسبة للأمر القدسي، لا إلى التخيل، فإنه ليس المقصود جذبها إلى صورة متخيلة بل إلى أمر متوهم، وهو المعاني التي تحبها النفس، لأن الوهم كما تقدم تصور المعاني المحبوبة في الأعيان، وهي التي تكون لأجلها الولاية والعداوة.
[ ص: 81 ] والمقصود حصول التوهمات المناسبة للأمر القدسي، والانصراف عن التوهمات المناسبة للأمر السفلي.
والتوهمات هي تصور ما يحب ويبغض، ويوالى ويعادى، ويوافق ويخالف، ويرجى ويخاف، من المعاني التي في الأعيان، فيريد أن يتصور ما يحب ويرجى لينجذب إليه، وما يكره ويخاف لينجذب عنه، ويكون ما يحب ويرجى في الأمر القدسي، والمكروه والمخوف في الأمر السفلي.
وقد ذكر أن المراد المعبود لذاته هو الله تعالى، فلا بد أن يتصور ما يوجب حبه لله، وبغضه لما يصرفه عن ذلك، وأن يتصور من رجائه وخوفه ما يصرفه إليه كما يتصور في الدنيا ما يجذبه عنها.
وإذا كان قد قال هذا مع قوله: "إن الوهم أن يتصور في المحسوسات أمرا غير محسوس، لم يمكن هذا حتى يتصور في حق الله تعالى ما يوجب انجذاب القلب إليه، وقد سمى ذلك توهما.