1. الرئيسية
  2. درء تعارض العقل والنقل
  3. الوجه الحادي عشر أن ما يسميه الناس دليلا من العقليات والسمعيات ليس كثير منه دليلا
صفحة جزء
الوجه الحادي عشر.

أن ما يسميه الناس دليلا من العقليات والسمعيات ليس كثير منه دليلا، وإنما يظنه الظان دليلا.

وهذا متفق عليه بين العقلاء، فإنهم متفقون على أن ما يسمى دليلا من العقليات والسمعيات قد لا يكون دليلا في نفس الأمر.

فنقول: أما المتبعون للكتاب والسنة ـ من الصحابة والتابعين وتابعيهم ـ فهم متفقون على دلالة ما جاء به الشرع في باب الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته واليوم الآخر وما يتبع ذلك، لم يتنازعوا في دلالته على ذلك، والمتنازعون في ذلك بعدهم لم يتنازعوا في أن السمع يدل على ذلك، وإنما تنازعوا: هل عارضه من العقل ما يدفع موجبه؟ وإلا فكلهم متفقون على أن الكتاب والسنة مثبتان للأسماء والصفات، مثبتان لما جاءا به من أحوال الرسالة والمعاد.

والمنازعون لأهل الإثبات من نفاة الأفعال والصفات لا ينازعون في أن النصوص السمعية تدل على الإثبات، وأنه ليس في السمع دليل ظاهر على النفي. [ ص: 193 ]

فقد اتفق الناس على دلالة السمع على الإثبات، وإن تنازعوا في الدلالة: هل هي قطعية أو ظنية؟ .

وأما المعارضون لذلك من أهل الكلام والفلسفة فلم يتفقوا على دليل واحد من العقليات، بل كل طائفة تقول في أدلة خصومها: إن العقل يدل على فسادها، لا على صحتها، فالمثبتة للصفات يقولون: إنه يعلم بالعقل فساد قول النفاة، كما يقول النفاة: إنه يعلم بالعقل فساد قول المثبتة.

ومثبتة الرؤية يقولون: إنه يعلم بالعقل إمكان ذلك، كما تقول النفاة: إنه يعلم بالعقل امتناع ذلك.

والمتنازعون في الأفعال هل تقوم به؟ يقولون: إنه علم بالعقل قيام الأفعال به، وإن الخلق والإبداع والتأثير أمر وجودي قائم بالخالق المبدع الفاعل.

التالي السابق


الخدمات العلمية