الوجه الرابع عشر
أن يقال: إن أهل العناية بعلم الرسول، العالمين بالقرآن، وتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين لهم بإحسان، والعالمين بأخبار الرسول والصحابة والتابعين لهم بإحسان، عندهم من العلوم الضرورية بمقاصد الرسول ومراده ما لا يمكنهم دفعه عن قلوبهم، ولهذا كانوا كلهم متفقين على ذلك من غير تواطؤ ولا تشاعر، كما اتفق أهل الإسلام على نقل حروف القرآن، ونقل الصلوات الخمس والقبلة، وصيام شهر رمضان، وإذا كانوا قد نقلوا مقاصده ومراده عنه بالتواتر، كان ذلك كنقلهم حروفه وألفاظه بالتواتر.
ومعلوم أن النقل المتواتر يفيد العلم اليقيني، سواء كان التواتر لفظيا أو معنويا، كتواتر شجاعة
خالد وشعر
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان وتحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفقه الأئمة الأربعة، وعدل العمرين، ومغازي النبي صلى الله عليه وسلم مع
[ ص: 196 ] المشركين وقتاله أهل الكتاب، وعدل
كسرى، وطب
جالينوس، ونحو
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه، يبين هذا أن أهل العلم والإيمان يعلمون من مراد الله ورسوله بكلامه أعظم مما يعلمه الأطباء من كلام
جالينوس، والنحاة من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه، فإذا كان من ادعى في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وجالينوس ونحوهما ما يخالف ما عليه أهل العلم بالطب والنحو والحساب من كلامهم كان قوله معلوم البطلان،
فمن ادعى في كلام الله ورسوله خلاف ما عليه أهل الإيمان كان قوله أظهر بطلانا وفسادا، لأن هذا معصوم محفوظ.
وجماع هذا: أن يعلم أن المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم شيئان: ألفاظه وأفعاله، ومعاني ألفاظه ومقاصده بأفعاله، وكلاهما منه ما هو متواتر عند العامة والخاصة، ومنه ما هو متواتر عند الخاصة، ومنه ما يختص بعلمه بعض الناس، وإن كان عند غيره مجهولا أو مظنونا مكذوبا، وأهل العلم بأقواله كأهل العلم بالحديث والتفسير المنقول والمغازي والفقه يتواتر عندهم من ذلك ما لا يتواتر عند غيرهم ممن لم يشركهم في علمهم، وكذلك أهل العلم بمعاني القرآن والحديث والفقه في ذلك يتواتر عندهم من ذلك ما لا يتواتر عند غيرهم من معاني الأقوال والأفعال المأخوذة عن الرسول، كما يتواتر عند النحاة من أقوال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل [ ص: 197 ] nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه nindex.php?page=showalam&ids=15081والكسائي والفراء وغيرهم ما لا يعلمه غيرهم، ويتواتر عند الأطباء من معاني أقوال
أبقراط وجالينوس وغيرهما ما لا يتواتر عن غيرهم، ويتواتر عند كل أحد من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وغيرهم من مذاهب هؤلاء الأئمة ما لا يعلمه غيرهم، ويتواتر عند أتباع رؤوس أهل الكلام والفلسفة من أقوالهم ما لا يعلمه غيرهم، ويتواتر عند أهل العلم بنقله الحديث من أقوال
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ويحيى بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل وأبي زرعة وأبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وأمثالهم في الجرح والتعديل ما لا يعلمه غيرهم، بحيث يعلمون بالاضطرار اتفاقهم على تعديل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة [ ص: 198 ] nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد وغير هؤلاء، وعلى تكذيب
محمد بن سعيد المصلوب وأبي البختري وهب بن وهب القاضي وأحمد بن عبد الله الجويباري وأمثالهم