فيقال: هذا باطل من وجوه متعددة:
أحدها: أن يقال: فعلى هذا التقدير لا يكون المفهوم الظاهر من هذه النصوص
إثبات العلو على العالم والصفات، ولا يجوز أن يقال: ظواهر هذه النصوص غير مراد، ولا أنه قد تعارضت الدلائل النقلية والعقلية، فإنه إذا قدر أنها لا تدل على الإثبات: لا دلالة قطعية ولا ظاهرة بطل أن يكون في ظاهرها ما يفهم منه الإثبات.
[ ص: 108 ]
ومن المعلوم أن هذا خلاف قول الطوائف كلها من المثبتة والنفاة، حتى من الفلاسفة القائلين بقدم العالم وإنكار معاد الأبدان، فإنهم معترفون بما اعترف به سائر الخلق من أن الظاهر المفهوم منها هو إثبات الصفات.
لكن هؤلاء المتفلسفة يقولون: إن الرسول لم يرد بيان العلم والإخبار بالأمر على وجهه، وإنما أراد التخييل، وإن تضمن ذلك التدليس وإظهار خلاف ما يبطن والكذب للمصلحة وهذا قول الملاحدة الباطنية.
وفساد هذا معلوم من وجوه أكثر مما يعلم به فساد قول
الجهمية والمعتزلة. ولهذا كان هؤلاء عند المسلمين ملاحدة زنادقة